كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

مولى أبي فاطمة المدنيّ.
وقوله: "لا يجتمعان في النار" خبر محذوف، أي شيئان لا يجتمعان، أو هو على لغة "أكلوني البراغيث"، وعلى التقديرين، فقوله: "مسلم كافرًا" بتقدير معطوف، أي والكافر الذي قتله. وقوله: "ثم سدّد، وقارب" يفيد أنه مشروط بعدم الانحراف بعد ذلك. وقوله: "فيح جهنّم" أي أثر فيح جهنّم من الحرارة، و"فَيحُ جهنّم": قال ابن الأثير: "الفَيْح" سُطوعُ الحرّ، وفَوَارَانه، ويقال بالواو، وفاحت القدر تَفِيح، وتفُوح: إذا غلت. انتهى.
و"الْحَسَد" يقال: حَسَدتهُ على النعمة، وحَسَدته النعمةَ حَسَدًا -بفتح السين أكثر من سكونها- يتعدّى إلى الثاني بنفسه، وبالحرف: إذا كَرِهْتَهَا عنده، وتمنّيت زوالها عنه. وأما الحسد على الشجاعة، ونحو ذلك، فهو الْغِبْطة، وفيه معنى التعجّب، وليس فيه تمنّي زوال ذلك عن المحسود، فإن تمنّاه، فهو القسم الأول، وهو حرام. والفاعل حاسدٌ، وحَسُودٌ، والجمع حُسّادٌ، وحَسَدَةٌ. قاله في "المصباح".
وفيه تقبيح للحسد، وبيان أنه لا ينبغي للمؤمن أن يَحسُد، فإنه ليس من شأنه ذلك، فمعنى "لا يجتمعان" ههنا أنه ليس من شأن المؤمن أن يجمعهما، ويحتمل أن المراد بالإيمان كماله. فيتأمّل. قاله السنديّ (¬1).
والحديث صحيح (¬2)، وقد تقدّم تخريجه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3111 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ, عَنْ سُهَيْلٍ, عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ, عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ اللَّجْلاَجِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَدُخَانُ جَهَنَّمَ, فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا, وَلاَ يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "إسحاق بن إبراهيم": هو ابن راهويه. و"جرير": هو ابن عبد الحميد الضبّيّ. و"سُهيل": هو ابن أبي صالح. و"صفوان بن أبي يزيد": هو المدنيّ، مقبول [4] 44/ 2247.
و"القعقاع بن اللجلاج"، ويقال: خالد، كما في الحديث التالي. ويقال: حصين، كما في رقم 3114 - ، ويقال: أبو العلاء، في رقم -3116 - ، مجهول [3].
¬__________
(¬1) - "شرح السنديّ" 6/ 12/13.
(¬2) - ولا يضرّه الكلام في محمد بن عجلان، إذ الكلام فيه في حديث المقبريّ عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، وأيضًا لحديثه هذا شواهد، فتنبّه.

الصفحة 140