كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

دفعوا، فدفع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حين أسفر كلّ شيء قبل أن تطلع الشمس"، وللبيهقيّ من حديث المسور بن مخرمة نحوه (¬1). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، ونعم الوكيل.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -213/ 3048 - وفي "الكبرى" 215/ 4054. وأخرجه (خ) في "الحجّ" 1684 و"المناقب" 3838 (د) في "المناسك" 1938 (ت) في "الحجّ"896 (ق) في "المناسك" 3022 (أحمد) في "مسند العشرة" 85 و 200 و 277 و 297 و360 (الدراميّ) في "المناسك" 1890. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان وقت الإفاضة من المزدلفة، وهو قبل طلوع الشمس. (ومنها): فضل الدفع من الموقف بالمزدلفة عند الإسفار؛ حيث إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - دفع وقت الإسفار. (ومنها): أن الوقوف بالمزدلفة من مناسك الحجّ، ونقل الطبريّ الإجماع على أن من لم يقف فيه حتى طلعت الشمس فاته الوقوف، قال ابن المنذر: وكان الشافعيّ، وجمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذه الأخبار، وكان مالك يرى أن يدفع قبل الإسفار، واحتجّ له بعض أصحابه بأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يعجل الصلاة مغلّسًا إلا ليدفع قبل طلوع الشمس، فكل من بعُد دفعه من طلوع الشمس كان أولى انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الاحتجاج غير مقبول؛ لكونه في مقابلة النصّ، فما ذهب إليه الجمهور من أن السنة الدفع بعد الإسفار هو الحقّ؛ لحديث جابر - رضي اللَّه عنه - الطويل: "فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس"، ولما أخرجه ابن خزيمة، والطبريّ من طريق عكرمة، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "كان أهل الجاهلية يقفون بالمزدلفة حتى تطلع الشمس، فكانت على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا، فدفع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حين أسفر كلُّ شيء قبل أن تطلع الشمس"، وروى البيهقيّ من حديث المسور بن مخرمة نحوه. واللَّه تعالى أعلم
¬__________
(¬1) - "فتح" 4/ 348 - 349.

الصفحة 16