كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

وقوله: "حتى أدخله الجنّة" بضم أوله، من الإدخال.
والحديث متّفق عليه، وقد سبق تمام البحث فيه في الحديث الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3125 - (أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ شُعَيْبٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَقُولُ: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ, وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ (¬1) فِي سَبِيلِهِ (¬2) , بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ (¬3) , فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ, أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ, أَوْ غَنِيمَةٍ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه عمرو ابن عثمان، ووالده عثمان بن سعيد الحمصيّان، فقد تفرّد بهما المصنّف، وأبو داود، وابن ماجه، وهما ثقتان.
و"شُعيب": هو ابن أبي حمزة.
وقوله: "واللَّه أعلم بمن يجاهد في سبيل اللَّه": إنما أتى بهذه الجملة المعترضة إشارة إلى أن الأجر إنما هو لمن أخلص جهاده للَّه تعالى، لا لمن يظهر منه عند الناس أنه مجاهد، وليس عند اللَّه بمجاهد.
وقوله: "كمثل القائم الصائم" وفي الرواية الآتية -16/ 3128 - : "كمثل الصائم القائم الراكع الساجد". ولمسلم من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "كمثل الصائم القائم القانت بآيات اللَّه، لا يفتر من صلاة، ولا صيام". وفي "الموطإ"، وابن حبّان: "كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام، ولا صلاة حتى يرجع". ولأحمد، والبزّار من حديث النعمان بن بشير، مرفوعًا: "مثل المجاهد في سبيل اللَّه كمثل الصائم نهاره، والقائم ليله".
وشبّه حال الصائم القائم بحال المجاهد في سبيل اللَّه في نيل الثواب في كلّ حركة وسكون؛ لأن المراد من الصائم القائم من لا يفتر ساعة عن العبادة، فأجره مستمرّ، وكذلك المجاهد لا تَضيع ساعة من ساعاته بغير ثواب؛ لما تقدّم من حديث: "إن المجاهد لتَسْتَنُّ فرسه، فيُكتب له حسنات"، وأصرح منه قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا
¬__________
(¬1) - وفي نسخة: "للمجاهدين".
(¬2) - وفي نسخة: "في سببل اللَّه".
(¬3) - وفي نسخة: "أن يتوفّى".

الصفحة 166