كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

الصداق. وإن كانت القصّة متعدّدة، فلا إشكال. ووقع في حديث ابن عبّاس في "فوائد أبي عمر بن حيويه" أن رجلاً قال: إن هذه امرأةٌ رضيت بي، فزوّجها مني، قال: فما مهرها؟، قال: ما عندي شيء، قال: أمهرها ما قلّ أو كثر، قال: والذي بعثك بالحقّ ما أملك شيئًا". وهذه الأظهرُ فيها التعدّد. قاله في "الفتح".
(فَاطْلُبْ) أي اطلب صداقًا تدفعه لها (وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ) "لو" هنا تقليليّة، قال عياض: ووهم من زعم خلاف ذلك. وقد أشار إلى ذلك السيوطي في "الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع"، حيث قال عند ذكر معاني "لو":
وَقِلَّةِ كَخَبَرِ المُصَدَّقِ ... تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقِ
وفي رواية يعقوب، وابن أبي حازم، وابن جريج: "اذهب إلى أهلك، فانظر هل تجد شيئًا، فذهب، ثم رجع، فقال: لا واللَّه يا رسول اللَّه ما وجدت شيئًا، قال: انظر ولو خاتماً من حديد، فذهب، ثم رجع، قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، ولا خاتمًا من حديد"، وكذا وقع في رواية مالك: ثم ذهب يطلب مرتين، لكن باختصار. وفي رواية هشام بن سعد: "فذهب، فالتمس، فلم يَجد شيئًا، فرجع، فقال: لم أجد شيئًا، فقال له: اذهب، فالتمس"، وقال فيه: "فقال: ولا خاتم من حديد لم أجده، ثم جلس"، ووقع في "خاتم" النصب على المفعولية لـ"التمس"، والرفع على تقدير ما حصل لي ولا خاتم. ووقع في رواية أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - "قال: قم إلى النساء، فقام إليهنّ، فلم يجد عندهنّ شيئًا"، والمراد بالنساء أهل الرجل، كما دلّت عليه رواية يعقوب.
(فَذَهَبَ) الرجل (فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا) يكون صداقًا لها (وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَمَعَكَ من سُوَرِ القُرْآنِ شَيْءٌ؟) كذا وقع في رواية سفيان بن عيينة باختصار ذكر الإزار، وثبت في رواية مالك (¬1)، وجماعة، منهم من قدّم ذكره على الأمر بالتماس الشيء، أو الخاتم، ومنهم من آخره، ففي رواية مالك: "قال: هل عندك من شيء تُصدقها إياه؟، قال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال: إزارك إن أعطيتها جلستَ لا إزار لك، فالتمس شيئًا". ويجوز في قوله: "إزارك" الرفع على الابتداء، والجملة الشرطيّة. الخبر، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: "إياه". وثبت كذلك في رواية، ويجوز النصب على أنه مفعول ثان لـ"أعطيتها".
و"الإزار" يذكر ويؤنث، وقد جاء هنا مذكرا. ووقع في رواية يعقوب، وابن أبي حازم بعد قوله: "اذهب إلى أهلك - إلى أن قال- ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا
¬__________
(¬1) - أي عند البخاريّ، وغيره، وإلا فرواية مالك الآتية عند المصنّف مختصرة أيضًا. فتنبّه.

الصفحة 375