كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

جماعة، لكن في حديث أسامة بن زيد عند الطحاويّ وغيره: "كان الأعراب يسألونه"، وكأن هذا هو السبب في عدم ضبط أسمائهم. انتهى (¬1).
(فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟) وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنهما - عند البخاريّ من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة، عنه: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجلٌ: لم أشعُر، فحلقت، قبل أن أذبح ... ".
قال في "الفتح" قوله: "لم أشعر" أي لم أفطن، يقال: شعرت بالشيء شعورًا: إذا فطِنت له. وقيل: الشعور العلم. ولم يفصح في رواية مالك بمتعلّق الشعور، وقد بينه يونس عند مسلم، ولفظه: "لم أشعر أن الرمي قبل النحر، فنحرتُ قبل أن أرمي"، وقال آخر: "لم أشعر أن النحر قبل الحلق، فحلقت قبل أن أنحر"، وفي رواية ابن جريج: "كنت أحسب أن كذا قبل كذا". وقد تبيّن ذلك في رواية يونس، وزاد في رواية ابن جريج: "وأشباه ذلك". ووقع في رواية محمد بن أبي حفصة، عن الزهريّ عند مسلم: "حلقت قبل أن أرمي"، وقال آخر: "أفضت إلى البيت قبل أن أرمي". وفي حديث معمر عند أحمد زيادة الحلق قبل الرمي أيضًا.
فحاصل ما في حديث عبد اللَّه بن عمرو السؤال عن أربعة أشياء: الحلق قبل الذبح، والحلق قبل الرمي، والنحر قبل الرمي، والإفاضة قبل الرمي، والأوليان في حديث ابن عباس أيضًا، وعند الدارقطني من حديث ابن عباس أيضًا السؤال عن الحلق قبل الرمي، وكذا في حديث جابر، وفي حديث أبي سعيد عند الطحاويّ، وفي حديث عليّ عند أحمد السؤال عن الإفاضة قبل الحلق، وفي حديثه عند الطحاويّ السؤال عن الرمي، والإفاضة معًا قبل الحلق، وفي حديث جابر الذي علّقه البخاريّ، ووصله ابن حبان، وغيره السؤال عن الإفاضة قبل الذبح، وفي حديث أسامة بن شريك عند أبي داود السؤال عن السعي قبل الطواف (¬2).
(قَالَ: "لَا حَرَجَ") وفي رواية البخاريّ: "اذبح، ولا حرج" أي لا ضيق عليك في ذلك. (فَقَالَ: رَجُلٌ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ؟) أي دخلت في المساء، وهو يُطلق على ما بعد الزال إلى أن يشتدّ الظلام (قَالَ: "لَا حَرَجَ") أي لا ضيق عليك في ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
¬__________
(¬1) - "فتح" 4/ 397 - 398.
(¬2) - "فتح" 4/ 395 - 398.

الصفحة 49