كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

ماذون لهم، وليس غيرهم مأمورًا بذلك، ولا منهيًا، فهم على الإباحة. انتهى "المُحَلَّى" جـ7 ص184 - 185. وهو بحث نفيس جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.
(أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا، وَيَدَعُوا يَوْمًا) أي يجوز لهم أن يرموا اليوم الأول من أيام التشريق، ويذهبوا إلى إبلهم، فيبيتوا عندها، ويدعوا يوم النفر الأول، ثم يأتوا في اليوم الثالث، فيرموا ما فاتهم في اليوم الثاني، مع رمي اليوم الثالث.
وفيه تفسير ثانِ، وهو أنهم يرمون جمرة العقبة، ويدَعُون رمي اليوم الأول من أيام التشريق، ويذهبون، ثم يأتون في اليوم الثاني من أيام التشريق، فيرمون ما فاتهم، ثم يرمون عن ذلك اليوم، كما تقدّم، وكلاهما جائز. أفاده في "نيل الأوطار" (¬1).
فال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: التفسير الثاني هو الذي تؤيّده الرواية الآتية للمصنّف بعد هذا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عاصم بن عديّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-225/ 3069 و3070 - وفي "الكبرى" 230/ 4074 و4075 وأخرجه (د) في، "المناسك" 1975 و 1976 (ت) في "الحج" 954و955 (ق) في "المناسك" 30349 و 3050 و 3037 (الموطأ) في "الحج" 935 (الدارميّ) في "المناسك" 1897. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال الإمام مالك -رحمه اللَّه تعالى- بعد إيراده حديث الباب: ما نصّه: تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار، فيما نُرَى -واللَّه اْعلم- أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد، وذلك يوم النفر الأول، فيرمون لليوم الذي مضى، ثم يرمون ليومهم ذلك؛ لأنه لا يقضي أحد شيئًا حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك، فإن بدا لهم النفْرُ، فقد فَرَغُوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفْر الآخر، ونفروا انتهى (¬2).
وقال الخطابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قد اختلف الناس في تعيين اليوم الذي يرمون فيه، فكان مالك يقول: يرمون يوم النحر، وإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من
¬__________
(¬1) - "نيل الأوطار" 5/ 88.
(¬2) - "الموطأ" 13/ 217 - 218. بنسخة "الاستذكار".

الصفحة 56