كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

- رضي اللَّه عنه - (¬1) قال: "دخل أبو بكر يستأذن على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" الحديث، وفيه قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هنّ حولي كما ترى، يسألنني النفقة" -يعني نساءه، وفيه أنه اعتزلهنّ شهرًا، ثم نزلت عليه هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ - حتى بلغ- أَجرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 28 - 29] قال: فبدأ بعائشة، فذكر نحو حديث الباب.
وفي "صحيح البخاريّ" في "المظالم" من طريق عُقيل، وفي "النكاح" من طريق شعيب، كلاهما عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبي ثور، عن ابن عباس، عن عمر في قصّة المرأتين اللتين تظاهرتا ... بطوله. وفي آخره: "حين أفشته حفصة إلى عائشة"، وكان قد قال: ما أنا بداخل عليهنّ شهرًا من شدّة موجدته عليهنّ، حتى عاتبه اللَّه، فلما مضت تسع وعشرون، دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له: إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا، وقد أصبحنا لتسع وعشرين ليلةً أعدّها عدًّا، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الشهر تسع وعشرون"، وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين، قالت عائشة: فأئزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة، فقال: "إني ذاكرٌ لك أمرًا، فلا عليك أن لا تعجلي ... " الحديث.
قال الحافظ: وهذا السياق ظاهر أن الحديث كله من رواية ابن عباس عن عمر، وأما المرويّ عن عائشة، فمن رواية ابن عباس عنها، وقد وقع التصريح بذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق أبي صالح، عن الليث بهذا الإسناد إلى ابن عباس، قال: قالت عائشة: أُنزلت آية التخيير، فبدأ بي ... الحديث. لكن أخرج
¬__________
(¬1) - وحديث جابر بطوله عند مسلم هكذا نصّه:
1478 - وحدثنا زهير بن حرب، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا زكرياء بن إسحاق، حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فوجد الناس جلوسا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأُذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن، فأذن له، فوجد النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - جالسا، حوله نساؤه، واجما ساكتا، قال: فقال: لأقولن شيئا، أضحك النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: يا رسول اللَّه، لو رأيت بنت خارجة، سألتني النفقة، فقمت إليها، فوجأت عنقها، فضحك رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقال:، هن حولي كما ترى، يسألنني النفقة"، فقام أبو بكر إلى عائشة، يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ما ليس عنده، فقلن: واللَّه لا نسأل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - شيئًا أبدا، ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرًا، أو تسعا وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حتى بلغ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}، قال: فبدأ بعائشة، فقال: "يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرًا، أحب أن لا تعجلي فيه، حتى تستشيري أبويك"، قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟، فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول اللَّه، أستشير أبويّ، بل أختار اللَّه ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تُخبر، امرأة من نسائك بالذي قلت، قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن اللَّه لم يبعثني مُعْنِتًا، ولا مُتَعَنّتًا، ولكن بعثني معلما ميسرا". انتهى.

الصفحة 11