كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

وقوله: "فعليه بالصوم" عدل عن قوله: فعليه بالجوع، وقلّة ما يُثير الشهوة، ويستدعي طغيان الماء من الطعام والشراب إلى ذكر الصوم، إذ ما جاء لتحصيل عبادة هي برأسها مطلوبة. وفيه إشارة إلى أن المطلوب من الصوم في الأصل كسر الشهوة. وقوله: "الأسود في هذا الحديث ليس بمحفوظ". يعني أن ذكر الأسود بن يزيد مع علقمة في رواية الأعمش غير محفوظ؛ لأن عبد الرحمن المحاربيّ تفرّد به، وقد خالف سبعة من الحفاظ: شعبة، وأبا معاوية، وعلي بن هاشم، ثلاثتهم عند المصنّف، وأبا حمزة السّكّريّ، وحفص بن غياث، عند البخاريّ، وجرير بن عبد الحميد، عند مسلم، وعلي ابن مسهر، عند ابن ماجه، فكلهم رووه عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، ولم يزد أحدٌ منهم الأسود، فدلّ على أن زيادته شاذة غير محفوظة.
والحديث متّفق عليه، وقد سبق الكلام عليه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3210 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قَالَ: لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ, مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ, فَلْيَنْكِحْ, فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ, وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ, وَمَنْ لاَ فَلْيَصُمْ, فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح غير شيخه "محمد ابن منصور" وهو الْجَوَّاز المكيّ فإنه من أفراده. و"سفيان": هو ابن عيينة. و"عمارة بن عُمير": هو التيميّ الكوفيّ الثقة الثبت" [4] 49/ 608. و"عبد الرحمن بن يزيد": هو النخعيّ الكوفيّ، الثقه، من كبار [3] 37/ 41، وهو أخو الأسود بن يزيد المذكور في السند السابق.
والحديث متّفق عليه، كما مرّ قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3211 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عُمَارَةَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ, مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ...». وَسَاقَ الْحَدِيثَ).
قالَ الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"محمد بن العلاء": هو أبو كُريب، أحد مشايخ الستة بلا واسطة. و"أبو معاوية": هو محمد بن خازم.
وقوله: "وساق الحديث" الضمير لأبي معاوية، أي ساق الحديث السابق بتمامه،

الصفحة 30