كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة، وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل، والحفاظ عليه، والعناية به باعتبار حفظ النسل أحد الكليّات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها، قرّر ما يلي:
1 - : لا يجوز إصدار قانون عامّ يحد من حرّية الزوجين في الإنجاب.
2 - : يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل، أو المرأة، وهو ما يُعرف بـ "الإعقام"، أو "التعقيم" ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعيّة.
3 - : يجوز التحكّم المؤقّت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدّة معينة من الزمان، إذا دعت حاجة معتبرةٌ شرعًا بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما، وتراضٍ، بشرط أن لا يترتّب على ذلك ضررٌ، وأن تكون الوسيلة مشروعةٌ، وأن لا يكون فيها عدوانٌ على حمل قائم. واللَّه أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قرّره هيئة كبار العلماء، ومجمع الفقه الإِسلامي بالكويت، ونحوهما ما قرره مجلس المجمع الفقه الإسلاميّ بمكة المكرمة، تقرير حسنٌ جدًّا، ينبغي التمسّك به. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: ومما له صلةٌ بالمسألة ما قرّره مجلس المجمع الفقه الإسلاميّ لرابطة العالم الإِسلاميّ بشأن تحويل الذكر إلى الأنثى، وبالعكس، فقد قرّر في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرّمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ الموافق 26 فبراير 1989 م قد نظر في موضوع تحويل الذكر إلى الأنثى، وبالعكس، وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرّر ما يلي:
1 - : الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها، لا يحلّ تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحقّ فاعلها العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق اللَّه، وقد حرّم اللَّه سبحانه وتعالى هذا التغيير بقوله تعالى، مخبرًا عن قول الشيطان: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، فقد جاء في "صحيح مسلم" (¬1) عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - أنه قال: "لعن اللَّه الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمتنمصات، والمتفلّجات للحسن، المغيّرات خلق اللَّه سبحانه وتعالى"، ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو في كتاب اللَّه سبحانه وتعالى -يعني قوله تعالى:
¬__________
(¬1) هكذا عزوه إلى "صحيح مسلم" فقط، والصواب أنه متّفق عليه، فقد أخرجه البخاريّ في "التفسير"، و"اللباس" من "صحيحه"، فليُتنبّه.

الصفحة 357