كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعيّة الشهادة على الرضاع. (ومنها): قبول شهادة المرأة في الرضاع، كما هو ظاهر ترجمة المصنّف، وسيأتي في المسألة التالية تحقيق الخلاف في ذلك، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): قبول شهادة الإماء والعبيد، وفيه خلاف أيضًا، وسيأتي في المسألة الخامسة، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): جواز إعراض المفتي لينبّه المستفتي على أن الحكم فيما سأله الكفّ عنه. (ومنها): جواز تكرار السؤال لمن لم يفهم المراد، والسؤال عن السبب المقتضي لرفع النكاح. (ومنها): مشروعية الاستبراء عن الشبهات. (ومنها): الإنكار على من يتعاطى الشبهات. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في ثبوت الرضاع بشهادة المرضعة وحدها:
ذهبت طائفة إلى ثبوت الرضاع بشهادتها، وبه قال أحمد، قال عليّ بن سعيد: سمعت أحمد يُسأل عن شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، قال: تجوز على حديث عقبة ابن الحارث، وهو قول الأوزاعيّ، ونُقل عن عثمان، وابن عباس، والزهريّ، والحسن، وإسحاق، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: فرّق عثمان بيّن ناس، تناكحوا بقول امرأة سوداء: إنها أرضعتهم، قال ابن شهاب: الناس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم، واختاره أبو عبيد، إلا أنه قال: إن شهدت المرضعة وحدها وجب على الزوج مفارقة المرأة، ولا يجب عليه الحكم بذلك، وإن شهدت معها أخرى وجب الحكم به.
واحتجّ أيضًا بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يُلزم عقبة بفراق امرأته، بل قال له: "دعها عنك"، وفي رواية ابن جريج: "كيف، وقد زعمت"، فأشار إلى أن ذلك على التنزيه.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادة المرضعة؛ لأنها شهادة على فعل نفسها. وقد أخرج أبو عبيد من طريق (¬1) عمر، والمغيرة بن شعبة، وعليّ بن أبي طالب، وابن عباس أنهم امتنعوا من التفرقة بيّن الزوجين بذلك، فقال عمر: فرّق بينهما إن جاءت بيّنة، وإلا فخلّ بين الرجل وامرأته، إلا أن يتنزّها، ولو فُتح هذا الباب لم تشأ امرأة أن تُفرَق بيّن الزوجين إلا فَعَلت. وقال الشعبيّ: تُقبل مع ثلاث نسوة بشرط أن لا تتعرّض نسوة لطلب أجرة. وقيل: لا تُقبل مطلقًا. وقيل: تقبل في ثبوت المحرميّة، دون ثبوت الأجرة لها على ذلك. وقال مالك: تقبل مع أخرى. وعن أبي حنيفة: لا
¬__________
(¬1) هكذا نسخ "الفتح"، والظاهر أن الصواب "من طرق، عن عمر الخ"، أو نحو هذا، فليحرّر.

الصفحة 367