كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

الحلبي -رحمه اللَّه تعالى-: إن أريد بالإحصان هنا التزوّج كان المعنى: وحُرّمت عليكم المحصنات، أي المزوّجات، إلا النوع الذي ملكته أيمانكم، إما بالسبي، أو بملكٍ، من شراء، وهبة، وإرث، وهو قول بعض أهل العلم، ويدلّ على الأول قول الفرزدق [من الطويل]:
وَذَاتِ حَلِيلٍ أَنْكَحَتْهَا رِمَاحُنَا ... حَلَالٌ لِمَنْ يَبْنِي بِهَا لَمْ تُطَلَّقِ
يعني أن مجرّد سبائها أحلّها بعد الاستبراء.
وإن أريد به الإسلام، أو العفّةُ فالمعنى: أن المسلمات، أو العفيفات حرامٌ كلّهنّ، يعني فلا يُزنَى بهنّ، إلا ما مُلك منهنّ بتزويج، أو ملك يمين، فيكون المراد بـ"ما ملكت أيمانكم" التسلّط عليهنّ، وهو قدر مشترك، وعلى هذه الأوجه الثلاثة يكون الاستثناء متّصلًا.
وإن أريد به الحرائر، فالمراد إلا ما مُلِكَتْ بملك يمين، وعلى هذا فالاستثناء منقطع. انتهى (¬1).
(أيْ هَذَا) النوع من النساء، وهو المستثنى المذكور (لَكُمْ حَلَالٌ) أي أحلّ لكم وطؤهنّ (إِذَا انْقَضَتْ) وفي نسخة: "مضت" (عِدَّتُهُنَّ) يعني بعدتهنّ استبراءهنّ من ماء الزوج الكافر، وهو بوضع الحمل إذا كانت حاملًا، وبحيضة، إذا كانت حائلًا، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة. أفاده النوويّ (¬2).
وقال السنديّ: أي هذا لكم حلالٌ، أي هذا النوع، وهو ما ملكه اليمين بالسبي، لا بالشراء، كما هو المورد، والأصل، وإن كان عموم اللفظ، لا خصوص السبب، لكن قد يُخصّ بالسبب، إذا كان هناك مانع من العموم، كما هنا انتهى (¬3). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-59/ 3334 - وفي "الكبرى"56/ 5491 أو 5492 و"التفسير" 11096
¬__________
(¬1) "الدر المصون في علم الكتاب المكنون" 2/ 344 - 345.
(¬2) "شرح مسلم" 10/ 278.
(¬3) "شرح السنديّ" 6/ 110 - 111.

الصفحة 380