كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

حتى قُبِض، قلت: إني أريد أن أسألك عن التبتل؟ فما ترين فيه؟ قالت: فلا تفعل، أما سمعت اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}، فلا تبتل، فخرج، وقد فَقِهَ، فقدم البصرة، فلم يَلْبَث إلا يسيرا، حتى خرج إلى أرض مَكْرَان (¬1)، فقُتل هناك على أفضل عمله. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا موقوفٌ صحيح، إن سلم من عنعنة الحسن، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-4/ 3217 - وفي "الكبرى" 4/ 5325. وأخرجه أحمد بالرقم المذكور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3218 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا عَفَّانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ آكُلُ اللَّحْمَ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصُومُ, فَلاَ أُفْطِرُ, فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَحَمِدَ اللَّهَ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ, يَقُولُونَ: كَذَا وَكَذَا, لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ, وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ, وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ, فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (إسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه الحنظليّ المروزيّ، ثقة ثبت فقيه [10] 2/ 2.
2 - (عفّان) بن مسلم الصفّار الحافظ البصريّ، ثقة ثبت، من كبار [10] 21/ 427.
3 - (حماد بن سلمة) بن دينار، أبو سلمة البصريّ، ثقة عابد، تغير حفظه بآخره، من كبار [8] 181/ 288.
4 - (ثابت) بن أسلم البنانيّ، أبو محمد البصريّ، ثقة عابد [4] 45/ 53.
5 - (أنس) بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه - 6/ 6. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم
¬__________
(¬1) - قال المرتضى الزبيديّ في "التاج": مَكْران كسَحْبَان، وضبطه ياقوت كعُثمان: بلد معروف. قال: وقال أهل السير: سميت بمكران ابن فارك بن سام بن نوح أخي كرمان؛ لأنه نزلها، واستوطنها، وهي ولاية واسعة مشتملةٌ على قُرى ومدائن، وهي معدن الفانيذ، ومنها يُنقل إلى جميع البلدان. قال الإصطخريّ: والغالب عليها المفاوز، والضرّ، والقحط. انتهى "تاج العروس" 3/ 549.

الصفحة 43