كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسلٌ بالبصريين، غير شيخه، فمروزيّ، ثم نيسابوريّ. (ومنها): أن فيه حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وثابت ألزم الناس لأنس - رضي اللَّه عنه -، لزمه أربعين سنة. (ومنها): أن فيه أنسًا - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة، روى (2286) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة، مات سنة (92) أو (93) وقد جاوز مائة سنة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَنسٍ) بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية البخاريّ من طريق حميد الطويل، عن أنس: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يسألون عن عبادة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها (¬1)، فقالوا: وأين نحن من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر (¬2) ... " الحديث.
قال في "الفتح": ولا منافاة بين الروايتين، فالرهط من ثلاثة إلى عشرة، والنفر من ثلاثة إلى تسعة، وكلّ منهما اسم جمع، لا واحد له من لفظه. ووقع في مرسل سعيد بن المسيّب عند عبد الرزّاق أن الثلاثة المذكورين هو: عليّ بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون. وعند ابن مردويه من طريق الحسن العدنيّ (¬3): "كان عليّ في أناس ممن أرادوا أن يحرموا الشهوات، فنزلت آية المائدة". ووقع في "أسباب الواحديّ" بغير إسناد: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ذكَّرَ الناسَ، وخوّفهم، فاجتمع عشرة من الصحابة -وهم: أبو بكر، وعمر، وعليّ، وابن مسعود، وأبو ذرّ، وسالم مولى أبي حُذيفة، والمقداد، وسلمان، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ومعقل بن مُقَرِّن- في بيت عثمان بن مظعون، فاتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم، ولا يقربوا النساء، ويَجُبُّوا مذاكيرهم". فإن كان هذا محفوظًا احتمل أن يكون الرهط الثلاثة هو الذين باشروا السؤال، فنُسب ذلك إليهم بخصوصهم تارة، ونسب للجميع لاشتراكهم في طلبه.
ويؤيّد أنهم كانوا أكثر من ثلاثة في الجملة ما روى مسلم من طريق زُرارة بن أوفى،
¬__________
(¬1) أي استقلّوها، أي عدّوها قليلة.
(¬2) - غرضهم بهذا: أن من لم يعلم حصول المغفرة له يحتاج إلى المبالغة في العبادة عسى أن يحصل له، بخلاف من حصل له ذلك، لكن بين - صلى اللَّه عليه وسلم - لهم أن ذلك ليس بلازم.
(¬3) هكذا نسخة "الفتح" "العدنيّ" بالدال المهملة، والظاهر أنه تصحيف من "العُرني "، بالراء بدال الدال، فهو الحسن بن عبد اللَّه العرني -بضم، ففتح- الكوفيّ ثقة أرسل عن ابن عباس، وهو من الطبقة الرابعة، كما في "التقريب".

الصفحة 44