كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

بنت عتبة بن سُهيل بن عمرو إلى عمر، فقال: زوّجوا الشريدة بالشريد، عسى اللَّه أن ينشر منهما، فنشر اللَّه منهما ولدًا كثيرًا. وكان الحارث يُضرب به المثل في السؤدد، حتى قال الشاعر [من الكامل]:
أَظَنَنْتَ أنَّ أَبَاكَ حِينَ نَسَبْتَنِي ... فِي الْمَجْدِ كَانَ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامِ
أَوْلَى قُرَيشٍ بِالْمَكَارِمِ وَالنَّدَى ... فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ وَالإِسلَامِ
وقال الزبير بن بكّار في "الموفّقيّات" من طريق محمد بن إسحاق في قصّة سَقيفة بني ساعدة، قال: فقام الحارث بن هشام، وهو يومئذ سيد بني مخزوم، ليس أحد يعدل به إلا أهل السوابق مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: واللَّه لولا قول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الأئمة من قريش" ما أُبعد منها الأنصار، ولكانوا لها أهلاً، ولكنه قولٌ لا شكّ فيه، فواللَّه لو لم يبق من قريش كلها إلا رجلٌ واحد لصيّر اللَّه هذا الأمر فيه. وكان الحارث يَحمل في قتال الكفّار، ويرتجز:
إِنِّي بِرَبِّي وَالنَّبِيِّ مُؤْمِنُ ... وَالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَمَاتِ مُوقِنُ
أَقْبِح بِشَخْصٍ لِلْحَيَاةِ مُوطِنُ (¬1)
وذكر ابن سعد وغيره: أنه توفّي في طاعون عمواس سنة (18).
(وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ) -واسم أبيه عمرو، ويُلقّب ذا الرمحين- ابن المغيرة بن عبد اللَّه بن عُمَر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ، ابن عم خالد بن الوليد بن المغيرة، وكان من السابقين الأولين، وهاجر الهجرتين، ثم خَدَعه أبو جهل إلى أن رجعوه من المدينة إلى مكة، فحبسوه، وكان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يدعو له في القنوت، كما ثبت في "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. وذكر العسكريّ أنه شهد بدرا، وغلّطوه. قال ابن قانع، والقراب، وغيرهما: مات سنة (15) بالشام في خلافة عمر - رضي اللَّه عنه -. وقيل: استُشهد باليمامة. وقيل: باليرموك (¬2) (بنَفَقَتِهَا) وفي رواية لمسلم: "فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته". وفي رواية المصنف -72/ 3552 - "فوضع لي عشرة أقفزة عند ابن عمّ له، خمسة شعير، وخمسة تمر ... ".
وفي رواية لمسلم من طريق أبي بكر بن الجهم، عن فاطمة، قالت: أرسل إليّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عيّاشَ بن أبي ربيعة بطلاقي، وأرسل معه بخمسة آصع تمر، وخمسة آصع شعير، فقلت: أما لي نفقةٌ إلا هذا؟، ولا أعتدّ في منزلكم؟
¬__________
(¬1) - راجع "الإصابة" 2/ 181 - 182.
(¬2) - "الإصابة" 7/ 184 - 185.

الصفحة 65