كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

"فانطلق خالد بن الوليد - رضي اللَّه عنه - في نفر من بني مخزوم، إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في بيت ميمونة، فقالوا: إن أبا حفص بن عمرو طلّق امرأته ثلاثًا، فهل لها نفقة؟ فقال: "ليس لها نفقة، ولا سكنى".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ويجمع بين الروايتين بأن فاطمة ذهبت مع خالد والنفر الذين معه، فسأل لها خالد. واللَّه تعالى أعلم.
(قَالَتْ: فَاطِمَةُ: فَأَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ) أي إذا لم يكن لي سكنى، ففي أيّ بيت أعتدّ؟ (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (انْتَقِلي عِنْدَ ابْنِ أُمّ مَكْتُوم الْأَعْمَى) هو عمرو بن زائدة، أو ابن قيس بن زائدة. ويقال: زياد القرشيّ العامريّ الصحابيّ المشهور، قديم الإسلام. ويقال: اسمه عبد اللَّه. ويقال: الحصين، كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - استخلفه على المدينة، مات - رضي اللَّه عنه - في آخر خلافة عمر - رضي اللَّه عنه -.تقدّمت ترجمته في -9/ 637 (الّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي كِتَابِهِ) حيث أنزل فيه قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} الآيات. وفي رواية شعيب، عن الزهريّ -72/ 3553 - وهو الأعمى الذي عاتبه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- في كتابه". وضمير "عاتبه" للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (قَالَتْ: فَاطِمَةُ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (فَاعْتَدَدتُ عِنْدَهُ) أي عند ابن أم مكتوم - رضي اللَّه عنه - (وَكَانَ رَجُلاً قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ) هذا هو السبب الذي ذكره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في أمرها بالاعتداد عنده، بعد أن أمرها أن تعتدّ في بيت أم شريك - رضي اللَّه تعالى عنها -، ففي رواية أبي سلمة الآتية -22/ 3246 - : "فأمرها أن تعتدّ في بيت أم شريك، ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي، فاعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجلٌ أعمى تضعين ثيابك ... ".
وفي الرواية الآتية-19/ 3238 - من طريق الشعبيّ، عنها: "فانطلقي إلى أم شريك" - وأم شريك امرأة غنيّةٌ، من الأنصار، عظيمة النفقة في سبيل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، ينزل عليها الضِّيفَان- فقلت: سأفعل، قال: "لا تفعلي، فإن أمّ شريك كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمّك (¬1)، عبد اللَّه بن عمر وابن أم مكتوم"، وهو رجلٌ من بني فهر، فانتقلت إليه.
وفي رواية لمسلم: "أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك ... ".
¬__________
(¬1) - زاد في رواية لمسلم: "رجل من بني فهر، من البطن الذي هي منه. واعترض على هذا القرطبيّ، فقال: والمعروف خلاف هذا، وليسا من بطن واحد، هي من بني محارب بن فهر، وهو من بني عامر بن لؤي انتهى. "المفهم" 4/ 270.

الصفحة 67