كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 27)

{إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} الآية [الأحزاب: 28]. أي أعطكنّ حقوقكنّ، وأُطَلِّقُ سراحكنّ.
قال الحافظ ابن كثير: وقد اختلف العلماء في جواز تزوّج غيره لهنّ لو طلّقهنّ على قولين: أصحّهما نعم لو وقع؛ ليحصل المقصود من السراح. واللَّه أعلم.
قال عكرمة: وكان تحته - صلى اللَّه عليه وسلم - يومئذ تسع نسوة: خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنهنّ -، وكانت تحته - صلى اللَّه عليه وسلم - صفية بنت حُيي النضِيريّة، وميمونة بنت الحارث الهلاليّة، وزينب بنت جحش الأسديّة، وجويرية بنت الحارث المصطلقيّة - رضي اللَّه تعالى عنهنّ -، وأرضاهنّ (¬1).
(فَقُلتُ: فِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟، فَإنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ) زاد في رواية محمد بن عمرو: "ولا أؤامر أبويّ: أبا بكر، وأم رومان، فضحك"، وفي رواية عمر بن أبي سلمة، عن أبيه عند الطبريّ: "ففرح".
وفي الرواية الآتية في -26/ 3440 - من طريق يونس، وموسى بن عُليّ، كلاهما عن ابن شهاب: "قالت عائشة: ثم فعل أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مثل ما فعلت، ولم يكن ذلك حين قال لهنّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، واخترنه طلاقًا، من أجل أنهن اخترنه".
وفي رواية محمد بن عمرو المذكورة: "ثم استقرَأَ الحُجَر -يعني حَجَر أزواجه- أي تتبَّعَ، والْحُجَر -بضمّ المهملة، وفتح الجيم- جمع حُجْرة -بضم، ثم سكون- والمراد مساكن أزواجه - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفي حديث جابر المذكور أن عائشة لما قالت: "بل أختار اللَّه ورسوله، والدار الآخرة"، قالت: "يا رسول اللَّه، وأسألك أن لا تُخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، فقال: لا تسألني امرأة منهنّ إلا أخبرتها، إن اللَّه لم يبعثني متعنّتًا، وإنما بعثني معلّمًا ميسّرًا". وفي رواية معمر عند مسلم: "قال معمرٌ: فأخبرني أيوب أن عائشة قالت: لا تُخبر نساءك أني اخترتك، فقال: إن اللَّه أرسلني مبلّغا، ولم يُرسلني متعنّتًا". وهذا منقطع بين أيوب وعائشة، ويشهد لصحّته حديث جابر.
[تنبيه]: وقع في "النهاية"، "والوسيط" التصريح بأن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - أرادت أن يختار نساؤه الفراق. قال الحافظ: فإن كانا ذكراه فيما فهماه من السياق، فذاك، وإلا فلم أر في شيء من طرق الحديث التصريح بذلك انتهى (¬2). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
¬__________
(¬1) راجع "تفسير ابن كثير" 3/ 490 "تفسير سورة الأحزاب".
(¬2) - راجع "الفتح" 9/ 477.

الصفحة 8