كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

قال في "الفتح": فيه تعيين أحد الاحتمالين في قوله: {وترغبون}؛ لأن رغب يتغيّر معناه بمتعلقه، يقال: رغب فيه إذا أراده، ورغب عنه إذا لم يرده؛ لأنه يحتمل أن تحذف "في"، وأن تُحذف "عن". وقد تأوّله سعيد بن جبير على المعنيين، فقال: نزلت في الغنية، والمعدمة، والمرويّ هنا عن عائشة أوضح في أن الآية الأولى نزلت في الغنيّة، وهذه الآية نزلت في الْمُعدمة انتهى (¬1) (الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا، مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ، إِلاَّ بِالقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ) أي نُهُوا عن نكاح المرغوب فيها لجمالها، ومالها؛ لأجل زهدهم فيها، إذا كانت قليلة المال والجمال، فينبغي أن يكون نكاح اليتيمتين على السواء في العدل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-66/ 3367 - وفي "الكبرى" 69/ 5514 و"التفسير" 11091. وأخرجه (خ) في "الشركة" 2494 و"الوصايا" 2763 و"التفسير" 4573 و 4600 و"النكاح" 5064 و 5092 و 5098 و 5131 و"الحيل" 6965 (م) في "التفسير" 3018 (د) في "النكاح" 2068. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو وجوب العدل في مهور النساء. (ومنها): أنه استُدلّ به على أن للوليّ أن يزوّج محجورته من نفسه. (ومنها): أن له حقًّا في التزويج؛ لأن اللَّه تعالى خاطب الأولياء بذلك. (ومنها): اعتبار مهر الْمُثُل في المحجورات، وأن غيرهنّ يجوز نكاحها بدون ذلك. (ومنها): جواز تزويج اليتامى قبل البلوغ لأنهنّ بعد البلوغ، لا يقال لهنّ: يتيمات، إلا أن يكون أطلق استصحابًا لحالهنّ. (ومنها)؛ بيان سبب نزول الآيتين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في سبب نزول هذه الآية الكريمة (¬2):
¬__________
(¬1) "فتح" 9/ 112.
(¬2) أعني قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} الآية.

الصفحة 27