كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

نوى اثنتين ألزمناه.
(وثالث عشرها): أنه لا تنفعه نيّة الظهار، وإنما يكون طلاقًا. قاله ابن قاسم.
(ورابع عشرها): قال يحيى بن عمر: يكون طلاقًا، فإن ارتجعها لم يجز له وطؤها حتى يكفر كفّارة الظهار.
(وخامس عشرها): إن نوى الطلاق فما أراد من أعداده، وإن نوى واحدةً، فهي رجعيةٌ. وهو قول الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، وروي مثله عن أبي بكر، وعمر، وغيرهم من الصحابة، والتابعين.
(وسادس عشرها): إن نوى ثلاثًا فثلاثًا، وإن نوى واحدة فواحدة، وإن نوى يمينًا فهي يمين، وإن لم ينو شيئًا فلا شيء عليه. وهو قول سفيان، وبمثله قال الأوزاعيّ، وأبو ثور، إلا أنهما قالا: إن لم ينو شيئًا فهي واحدةٌ.
(وسابع عشرها): له نيّته، ولا يكون أقلّ من واحدة. قاله ابن شهاب. وإن لم ينو شيئًا لم يكن شيء. قاله ابن العربيّ. ورأيت لسعيد بن جبير، وهو:
(ثامن عشرها): أن عليه عتق رقبة، وإن لم يجعلها ظهارًا. ولست أعلم لها وجهًا، ولا يبعد (¬1) في المقالات عندي.
قال القرطبيّ: قال علماؤنا: سبب الاختلاف في هذا الباب أنه ليس في كتاب اللَّه، ولا في سنّة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نصّ، ولا ظاهرٌ يُعتمد عليه في هذه المسألة، فتجاذبها العلماء لذلك.
فمن تمسّك بالبراءة الأصليّة، فقال: لا حكم، فلا يلزم بها شيء. وأما من قال: إنها يمين، فقال: سماها اللَّه يمينًا. وأما من قال: تجب فيها كفّارة، وليست بيمين، فبناه على أحد أمرين: أحدهما: أنه ظنّ أن اللَّه تعالى أوجب الكفّارة فيها، وإن لم تكن يمينًا، والثاني: أن معنى اليمين عنده التحريم، فوقدت الكفّارة على المعنى. وأما من قال: إنها طلقة رجعيّةٌ، فإنه حمل اللفظ على أقلّ وجوهه، والرجعيّة محرّمة الوطء كذلك، فيُحمل اللفظ عليه. وهذا يلزم مالكًا؛ لقوله: إن الرجعيّة محرّمة الوطء. وكذلك وجه من قال: إنها ثلاث، فحمله على أكبر معناه، وهو الطلاق الثلاث. وأما من قال: إنه ظهار؛ فلأنه أقلّ درجات التحريم، فإنه تحريم، لا يرفع النكاح. وأما من قال: إنه طلقةٌ بائنةٌ، فعوّل على أن الطلاق الرجعيّ لا يُحرّم المطلّقةَ، وأن الطلاق البائن يحرّمها. وأما قول يحيى بن عمر، فإنه احتاط بأن جعله طلاقًا، فلما ارتجعها احتاط بأن
¬__________
(¬1) هكذا النسخة "ولا يبعد"، والظاهر أن الصواب "ولا يُعَدُّ"، فليتأمل. واللَّه تعالى أعلم.

الصفحة 324