كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

[مسألة]: إذا قال الرجل لزوجته: "الحقي بأهلك"، ولا يريد طلاقها بذلك، فلا شيء عليه؛ لحديث كعب بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه - المذكور في الباب، وأما إذا قال لها ذلك، مريدًا به الطلاق، فقد اختلف فيه أهل العلم:
قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختلفوا في قوله: "الحقي بأهلك"، وشبهه من كنايات الطلاق، فقالت طائفة: يُنَوَّى (¬1) في ذلك، فإن أراد طلاقًا كان طلاقًا، وإن لم يُرده لم يلزمه شيء. هذا قول الثوريّ، وأبي حنيفة، قالا: إذا نوى واحدةً، أو ثلاثًا، فهو ما نوى، وإن نوى ثنتين فهي واحدة. وقال مالك: إن أراد به الطلاق فهو ما نوى، واحدة، أو ثنتين، أو ثلاثًا، وإن لم يرد شيئًا، فليس بشيء. وقال الحسن، والشعبيّ: إذا قال: الحقي بأهلك، أو لا سبيل لي عليك، أو الطريق لك واسعٌ، إن نوى طلاقًا، فهي واحدة، وإلا فليس بشيء. ذكره العلامة العينيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "عمدته" (¬2).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما قاله الإمام مالك -رحمه اللَّه تعالى- أقرب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3450 - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَبَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ, قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي, كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ, قَالَ: -وَهُوَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ- يُحَدِّثُ, قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَإِلَى صَاحِبَيَّ, أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ, فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: أُطَلِّقُ امْرَأَتِي, أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ, بَلْ تَعْتَزِلُهَا, فَلاَ تَقْرَبْهَا, فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ, فَكُونِي فِيهِمْ, فَلَحِقَتْ بِهِمْ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن جَبَلَة": هو الرافقيّ، خراسانيّ الأصل، صدوق [11] 190/ 167 من أفراد المصنّف.
و"محمد بن يحيى بن محمد": الحرّانيّ الكلبيّ، لقبه لؤلؤ، ثقة، صاحب حديث [11] 4/ 40 من أفراد المصنّف.
و"محمد بن موسى بن أعين" الجزريّ، أبو يحيى الحرّانيّ، صدوق، من كبار [10] 4/ 403 من رجال البخاريّ، والمصنّف.
و"موسى بن أعين": هو القرشيّ مولاهم، أبو سعيد الجزريّ، ثقة عابد [8] 11/ 415.
¬__________
(¬1) الظاهر أنه بالبناء للمفعول، وتشديد الواو: أي يُسأل عن نيته.
(¬2) "عمدة القاري" 17/ 8. "كتاب الطلاق".

الصفحة 330