كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

السلاح، واللَّه ما وضعته، اخرج إليهم، قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: فأين؟ فأشار إلى بني قريظة"، فأتاهم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فنزلوا على حكمه، فَرَدَّ الحكم إلى سعد، قال: فإني أحكم فيهم أن تُقتَلَ المقاتلةُ، وأن تُسبَى النساءُ والذرية، وأن تُقسم أموالهم ... " الحديث.
(فَمَنْ) شرطية، أو موصولة، مبتدأ (كَانَ مُحْتَلِمًا) اسم فاعل من احتلم، يقال: حَلَمَ الصبي، من باب قتل، واحتَلَم: أدرك، وبلغ مبالغ الرجال، فهو حالمٌ، ومحتلمٌ. أفاده الفيّوميّ (أَوْ نَبَتَتْ عَانَتُهُ) قال الفيّوميّ: العانة في تقدير فَعَلَة -بفتح العين- وفيها اختلاف قولٍ، فقال الأزهريّ، وجماعة: هي مَنبِتُ الشَّعر فوق قُبُل المرأة، وذَكَر الرجل، والشَّعْرُ الثابت عليه، يقال له: الإسْبُ (¬1)، والشِّعْرَةُ (¬2). وقال ابن فارس في موضع: هي الإسْبُ. وقال الجوهريّ: هي شَعْرُ الرَّكَبِ (¬3). وقال ابن السِّكِّيت، وابن الأعرابيّ: استعان، واستعدّ: حَلَقَ عانته. وعلى هذا فالعانةُ الشَّعْرُ النابت. وقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: في قصّة بني قُريظة: "من كان له عانةٌ فاقتلوه" ظاهرهُ دليلٌ لهذا القول، وصاحب القول الأول يقول: الأصل من كان له شعرُ عانةٍ، فحُذِف للعلم به انتهى كلام الفيّوميّ (قُتِلَ) بالبناء للمفعول جواب "من"، أو خبر المبتدإ (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَلِمًا، أَوْ لَمْ تَنْبُتْ) بفتح أوله، وضم الموحّدة، من نبت ثلاثيًّا (عَانَتُهُ تُرِكَ) بالبناء للمفعول جواب "من"، أو خبر المبتدإ. وهذا محلّ الترجمة، فقد استدلّ به المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- على أن الصبيّ لا يقع طلاقه إلا إذا بلغ، وهو الراجح من أقوال أهل العلم، ووجه ذلك أن غير البالغ لا عبرة بكفره، فلو كفر لا يُقتل، والكفر أشدّ، فيكون عدم وقع طلاقه من باب أولى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
¬__________
(¬1) "الإسب" -بكسر، فسكون- وِزان حِمْل: شعر الاست. اهـ "المصباح".
(¬2) "الشِّعْرة" بكسر، فسكون - وزان سِدْرة: شَعْرُ الرَّكَب للنساء خاصة. وقيل: الشعْرُ النابت على عانة الرجل، ورَكَب المرأة، وعلى ما وراءهما. أفاده في "المصباح".
(¬3) "الرَّكَبُ" بفتحتين قال ابن السّكيت: هو مَنبِتُ العانة. وعن الخليل: هو للرجل خاصّة. وقال الفرّاء: للرجل وا لمرأة، وأنشد:
لَا يُقنِعُ الْجَارِيةَ الْخِضَابُ ... وَلَا الْوَشَاحَانِ وَلَا الْجِلْبَابُ
مِن دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكَابُ ... وَيقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعَابُ
وقال الأزهريّ: الركب من أسماء الفرج، وهو مذكّرٌ، ويقال: للمرأة والرجل أيضًا. قاله في "المصباح".

الصفحة 342