كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

الخندق كانت في سنة خمس، فيحتاج حينئذ إلى الجواب عن الإشكال. وقد أجاب عنه البيهقيّ وغيره بأن قول ابن عمر: "عُرضت يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة" أي دخلت فيها، وأن قوله: "عُرضتُ يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة" أي تجاوزتها، فألغى الكسر في الأولى، وجبره في الثانية، وهو شائعٌ مسموعٌ في كلامهم، وبه يرتفع الإشكال المذكور، وهو أولى من الترجيح. واللَّه أعلم.
[تنبيهان]: (الأول): زعم ابن التين أنه ورد في بعض الروايات أن عرض ابن عمر كان ببدر، فلم يُجزه، ثم بأحد، فأجازه. قال: وفي رواية عُرض يوم أحد، وهو ابن ثلاث عشرة، فلم يُجزه، وعُرض يوم الخندق، وهو ابن أربع عشرة سنةً، فأجازه. قال الحافظ: ولا وجود لذلك، وإنما وُجد ما أشرف إليه عن ابن سعد، أخرجه البيهقيّ من وجه آخر، عن أبي معشر، وأبو معشر مع ضعفه لا يُخالف ما زاده من ذكر بدر ما رواه الثقات، بل يوافقهم.
(الثاني): زعم ابن ناصر أنه وقع في "الجمع" للحُميديّ هنا "يوم الفتح" بدل يوم الخندق، قال ابن ناصر (¬1): والسابق إلى ذلك أبو مسعود (¬2)، أو خلف، فتبعه شيخنا (¬3)، ولم يتدبّره، والصواب "يوم الخندق" في جميع الروايات، وتلقّى ذلك ابن الجوزيّ عن ابن ناصر، وبالغ في التشنيع على من وهم في ذلك، وكان الأولى ترك ذلك، فإن الغلط لا يَسلَم منه كثيرًا أحدٌ. انتهى (¬4). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-20/ 3458 - وفي "الكبرى" 21/ 5624. وأخرجه (خ) في "الشهادات" 2664 و"المغازي" 4097 (م) في "الإمارة" 1868 (د) في "الخراج" 2957 و"الحدود" 4406 (ت) في "الأحكام" 1361 و"الجهاد" 1711 (ق) في "الحدود" 2543 (أحمد) في "مسند المكثرين" 4647. واللَّه تعالى أعلم.
¬__________
(¬1) هو أبو الفضل ابن ناصر السلاميّ. قاله العينيّ "عمدة" 13/ 241.
(¬2) وقع في نسخة "الفتح" 5/ 12 "ابن مسعود"، والصواب ما هنا، كما في "عمدة القاري" 13/ 241.
(¬3) يعني الحميديّ.
(¬4) "فتح" 5/ 611 - 612. "كتاب الشهادات".

الصفحة 347