كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

الزهريّ: يُرجم إذا كان عالمًا، وإن كان جاهلًا أدنى الحدّين الذي هو الجلد، ولها مهرها، ويُفرّق بينهما، ولا يجتمعان أبدًا.
وقال طائفة: لا حدّ عليه في شيء من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن: يُحَدّ في ذات المحرم، ولا يُحد في غير ذلك من النكاح. وذلك مثل أن يتزوّج مجوسيّة، أو خمسة في عُقدة، أو تزوّج متعة، أو تزوّج بغير شهود، أو أَمَةً تزوّجها بغير إذن مولاها.
وقال أبو ثور: إذا علم أن هذا لا يحلّ له يجب أن يحدّ فيه كله إلا التزويج بغير شهود. وفيه قولٌ ثالثٌ قاله النخعيّ في الرجل ينكح الخامسة متعمّدًا قبل أن تنقضي عدّة الرابعة من نسائه: جُلد مائة، ولا يُنفَى.
فهذه فُتيا علماء المسلمين في الخامسة على ما ذكره ابن المنذر، فكيف بما فوقها. قاله القرطبيّ (¬1). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): ذكر الزبير بن بكّار حدّثني إبراهيم الحزاميّ، عن محمد بن معن الغفاريّ، قال: أتت امرأة إلى عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه عنه -، فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، فقال لها: نعم الزوج زوجك، فجعلت تكرّر عليه القول، وهو يكرّر عليها الجواب، فقال له كعب الأسديّ: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه، فقال عمر: كما فهمت كلامها، فاقض بينهما، فقال كعب: عليّ بزوجها، فأتي به، فقال له: إن امرأتك هذه تشكوك، قال: أفي طعام، أم شراب؟ قال: لا، فقالت المرأة [من الرجز]:
يَا أَيَهُّا الْقَاضِي الْحَكِيمُ رَشَدُهْ ... أَلْهَى خَلِيلي عَنْ فِرَاشِي مَسْجِدُهْ
زَهَّدّهُ فِي مَضْجَعِي تَعَبُّدُه ... فَاقْضِ الْقَضَا كَعْبُ وَلَا تُرَدِّدُهْ
نَهَارَهُ وَلَيْلَهُ مَا يَرْقُدُة ... فَلَسْتُ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ أَحْمَدُهْ
فقال زوجها:
زَهدَنِي فِي فَرْشِهَا وَفِي الحَجَلْ ... أَنِّي امْرُؤٌ أَذْهَلَنِي مَا قَدْ نَزَلْ
فِي سُورَةِ النَّحلِ وَفِي السَّبعِ الطُّوَلْ ... وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَخْوِيفٌ جَلَلْ
فقال كعبٌ:
¬__________
(¬1) "الجامع لأحكام القرآن" 5/ 18.

الصفحة 35