كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

تعالى عنها: "فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك"، فإنه مدّ لها الخيار إلى
وقت استئذانها أبويها، ولم يقيده بالمجلس، وسيأتي تحقيق اختلاف العلماء في ذلك في
المسألة الثالثة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3466 - (أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ, وَمُوسَى بْنُ عُلَيٍّ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّ عَائِشَةَ, زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -, بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ, بَدَأَ بِي, فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا, فَلاَ عَلَيْكِ, أَنْ لاَ تُعَجِّلِي, حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ, قَالَتْ: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ, لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِّي بِفِرَاقِهِ, قَالَتْ: ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} إِلَى قَوْلِهِ {جَمِيلاً} , فَقُلْتُ أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ, فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-, وَرَسُولَهُ, وَالدَّارَ الآخِرَةَ, قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, مِثْلَ مَا فَعَلْتُ, وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ, حِينَ قَالَ: لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَاخْتَرْنَهُ طَلاَقًا, مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ اخْتَرْنَهُ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وهو مسلسل بالمصريين إلى ابن شهاب، ومنه مدنيّون، و"عُليّ" والد موسى -بضم العين المهملة، بصيغة التصغير- وكان يَغضب منه، وبفتحها مكبّرًا.
وقولها: "بدأ بي": قال النوويّ: إنما بدأ بها لفضيلتها. وقال وليّ الدين: وإن صحّ أنها السبب في نزول الآية، فلعلّ البداءة بها لذلك انتهى (¬1).
وقولها: "أن أبوَيَّ" هكذا في النسخة الهنديّة، وهو الموافق للقواعد؛ لأن المثنّى يُجرّ، وُينصب، بالياء، فإذا أضيف إلى ياء المتكلّم تدغم ياؤه في ياء المتكلّم، ووقع في النسخ المطبوعة بلفظ "أن أبواي" بالألف، ويحتمل أن يكون له وجه صحيح، وهو أن يُخرّج على لغة من يُلزم المثنّى الألف في الأحوال كلها.
[فائدة]: ذكر ابن مالك -رحمه اللَّه تعالى- قاعدة ما يُضاف إلى ياء المتكلم في "الخلاصة"، فقال:
آخِرَ مَا اُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ إِذَا ... لَمْ يَكُ مُعْتَلاً كَرَامٍ وَقَذَى
أَوْ يَكُ كَابْنَيْنِ وَزَيدِينَ فَذِي ... جَمِيعُهَا الْيَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِي
وَتُدْغَمُ الْيَا فِيهِ وَالْوَاوُ وَإِنْ .. مَا قَبْلَ وَاوِ ضُمّ فَاكْسِرْهُ يَهُنْ
وَأَلِفًا سَلِّمْ وَفِي الْمَقْصُورِ ... عَنْ هُذَيْلٍ انْقِلَابَهُا يَاءً حَسَنْ
¬__________
(¬1) "طرح التثريب" 7/ 103.

الصفحة 375