كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

وغيرها، وكانت الأوقيّة عندهم أربعين درهمًا، وكان النشّ عشرين درهمًا، قال ابن الأعرابي: ونشُّ الدرهم، والرَّغِيف: نصفه انتهى.
(وَذَلِكَ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ) (¬1) هذا التفسير من عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، ففي رواية مسلم: قالت: أتدري ما النّشّ؟ قال: قلت: لا، قالت: نصف أوقيّة، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لأزواجه".
[فإن قيل]: فصداق أمّ حبيبة زوج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كان أربعة آلاف درهم، وأربعمائة (¬2) دينار. [فالجواب]: أن هذا القدر تبرّع به النجاشيّ من ماله، إكرامًا للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا أنّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أدّاه، أو عقد به. قاله النوويّ (¬3).
وقال القرطبيّ: ما ملخّصه: هذا القول من عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - إنما هو إخبار عن غالب أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لأن صفيّة من جملة أزواجه، وأصدقها نفسها، على ما تقدّم من الخلاف، وزينب بنت جحش، لم يُذكر لها صداق. وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان أصدقها النجاشيّ أربعة آلاف درهم، فقد خرج هؤلاء من عموم قول عائشة - رضي اللَّه تعالى عنهن - انتهى (¬4). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 66/ 3348 - وفي "الكبرى" 68/ 5513. وأخرجه (م) في "النكاح" 1426 (د) في "النكاح" 2105 (ق) في "النكاح" 1886 (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" 24105 (الدارمي) في "النكاح" 2199. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): أن الصداق للمرأة عند النكاح لا بدّ منه. (ومنها): كونه الصداق خمسمائة درهم، وهذا ليس على سبيل الوجوب، وإنما هو لمن يتسّر له ذلك، وإلا فيجوز بأقلّ منه، فقد ثبت أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "التمس، ولو خاتمًا من ذهب"، وأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - تزوّج بأكثر من
¬__________
(¬1) هي بالريال السعوديّ مائة وأربعون ريالًا. انتهى "توضيح الأحكام" 4/ 472.
(¬2) هكذا نسخة شرح النووي بالواو، ولعل الصواب بـ"أو"، فليحرر.
(¬3) "شرح مسلم" 9/ 218.
(¬4) "المفهم" 4/ 134.

الصفحة 38