كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

عَشْرَ أواق، وطَبَّقَ بيديه، وذلك أربع مائة".
والمراد صداق غالب الناس، الذي يتعاملون به فيما بينهم، وإلا فقد تقدّم أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يتزوّج باثني عشر أوقيّة، ونَشًّا، وأمهر النجاشيّ أم حبيبة - رضي اللَّه تعالى عنها - حين زوّجها للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أربعة آلاف درهم. وكذلك ثبت أيضًا أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - زوّج بأقلّ من ذلك، وقال: "التمس ولو خاتمًا من حديد". وزوّج بسور من القرآن.
(إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي في حياته، ومرأىً، ومَسْمَع منه، ويستفاد منه أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قرّرهم عليه، وفيه أن الصحابيّ إذا قال: كنا نفعل كذا، في عهده - صلى اللَّه عليه وسلم - له حكم الرفع، وهو مذهب جماهير أهل العلم، من المحدّثين وغيرهم، وإلى ذلك أشار الحافظ السيوطي في "ألفيّة الحديث" حيث قال:
وَلْيُعْطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوَابِ ... نَحوُ "مِنَ السُّنَّةِ" مِنْ صَحَابِي
"كَذَا أُمِرْنَا" وَكَذَا "كُنَّا نَرَى" ... فِي عَهْدِهِ أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى
ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ لَا يَخْفَى وَفِي ... تَصْرِيحِهِ بِعِلْمِهِ الْخُلْفُ نُفِي
(عَشْرَةَ أَوَاقٍ") أي أربعمائة درهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-66/ 3349 - وفي "الكبرى" 65/ 5511. وأخرجه (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 8589. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3350 - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ مُقَاتِلِ بْنِ مُشَمْرِخِ بْنِ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أَيُّوبَ, وَابْنِ عَوْنٍ, وَسَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ, وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ, دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, قَالَ سَلَمَةُ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ, نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ, وَقَالَ الآخَرُونَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ, قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "أَلاَ لاَ تَغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ, فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا, أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, كَانَ أَوْلاَكُمْ بِهِ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ, وَلاَ أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ, أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً, وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ, حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ, وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ لَكُمْ عَلَقَ الْقِرْبَةِ, وَكُنْتُ غُلاَمًا عَرَبِيًّا مُوَلَّدًا, فَلَمْ أَدْرِ مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ؟ قَالَ: وَأُخْرَى يَقُولُونَهَا لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ, أَوْ مَاتَ: قُتِلَ فُلاَنٌ شَهِيدًا, أَوْ مَاتَ فُلاَنٌ شَهِيدًا, وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ, أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا, أَوْ وَرِقًا يَطْلُبُ التِّجَارَةَ, فَلاَ تَقُولُوا ذَاكُمْ, وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ, أَوْ مَاتَ, فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ»).

الصفحة 40