كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

فليس منه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإنما هو من عند النجاشيّ - رضي اللَّه عنه -، أعطاها من عنده تكريمًا للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وتبجيلًا له.
وأما ما تقدّم في حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - من زيادة النّشّ، فيحمل على أنَّ عمر - رضي اللَّه عنه - ذكر الاثنتي عشرة، وألغى ذكر النّشّ، لكونه كسرًا، ومثلُ هذا كثير في استعمال العرب. واللَّه تعالى أعلم.
(وَإنَّ الرجُلَ لَيُغْلي) بضمّ الياء، كما تقدّم، وفي بعض النسخ: "ليُغالي". قال السنديّ: قوله: "وإن الرجل ليُغالي" كذا في بعض النسخ، وهو من غاليت، وفي بعضها: ليُغلي"، والوجه ليغلو؛ لكونه من الغلوّ، كما تقدّم انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم الردّ عليه قريبًا، فلا تنسَ.
(بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ) وفي بعض النسخ: "بصَدُقَة امرأة". وهو بفتح الصاد، والقاف، وضمّ الدال، وآخره تاء: الصداق. ويجوز فيها فتح الدال، وإسكانها، مع فتح الصاد، ويجوز ضمّ الصاد مع ضمّ الدال، وإسكانها، وقد تقدّم تمام ضبطها عند شرح الترجمة. وفي رواية أحمد: "وإن الرجل ليُبتَلَى بصَدُقَة امرأته"، وقال مرّةً: "وإن الرجل ليُغلي بصَدُقَة امرأته ... ".
(حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ) بفتح العين: اسم من المعاداة (فِي نَفْسِهِ) أي حتى يعادي امرأته في نفسه عند أداء ذلك المهر؛ لثقله عليه حينئذ، أو عند ملاحظة قدره، وتفكّره فيه بالتفصيل. قاله السنديّ (وَحَتَّى يَقُولَ: كَلِفْتُ) -بفتح الكاف، وكسر الكاف، مبنيًّا للفاعل، يقال: كَلِفتُ الأمرَ، من باب تَعِبَ: حَمَلته على مشقّة. ويحتمل أن يكون بضمّ الكاف، وتشديد اللام، مبنيًّا للمفعول: أي كلّفوني، وحمّلُوني، يقال: كَلَّفتُهُ الأمرَ، فتكلَّفه، مثلُ حَمَّلْته، فتحمّله، وزنًا ومعنى على مشقّة أيضًا. أفاده الفيّوميّ.
وقوله (لَكُمْ) أي لأجلكم، وفي رواية أحمد: "كَلِفْتُ إليكِ" بإفراد الضمير (عَلَقَ الْقِرْبَةِ) بالنصب مفعول "كلِفتُ" وهو -بفتح العين المهملة، واللام-: حبلُ القِرْبة الذي تُعلّق به. والقِرْبة -بكسر، فسكون-: الْمَزَادة، جمعها قِرَب -بكسر، ففتح-، مثل سِدْرَةِ وسِدَرٍ. يريد أنه تحمّل لأجلها كلّ شيء، حتّى عَلَقَ الْقِرْبة، وهو حبلها الذي تُعَلَّقُ به. وفي بعض الروايات؛ "عَرَقَ الْقِرْبَة" بفتح العين المهملة والراء- أيضًا.
قال في "النهاية": وفي حديث عمر - رضي اللَّه عنه -: " جَشِمْتُ إليك عَرَقَ القِرْبَة": "أي تكلّفت إليك، وتَعِبتُ حتى عَرِقْتُ كعَرَقِ الْقِرْبَة، وعَرَقُها: سَيَلَانُ مائها. وقيل: أراد بِعَرَق القربة عَرَقَ حاملِها من ثِقَلَها. وقيل: أراد: إني قصدتُكِ، وسافرتُ إليك،

الصفحة 45