كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

أبي عوانة، عن قتادة، ولمسلم من رواية شعبة، عن أبي حمزة، عن أبي: "على وزن نواة، فقال رجلٌ من ولد عبد الرحمن: من ذهب". ورجّح الداوديّ رواية من قال: "على نواة من ذهب"، واستنكر رواية من روى: "وزن نواة. قال الحافظ: واستنكاره هو المنكر؛ لأن الذين جزموا بذلك أئمّةٌ حُفّاظ. قال عياضٌ: لا وهم في الرواية؛ لأنها إن كانت نواة تمر، أو غيره، أو كان للنواة قدرٌ معلوم، صلح أن يقال في كلّ ذلك: وزن نواة. انتهى.
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَوْلِمْ) فعل أمر من أولَمَ: إذا صَنَعَ وَلِيمَة، أي اصنع وليمة. و"الوليمة": اسم لكلّ طعام يُتّخذ لجمع. وقال ابن فارس هي طعام الْعُرْس، وزاد الجوهريّ شاهدًا، والجمع وَلائم. قاله الفيّوميّ. وقال ابن منظور: الوليمة طعام العُرس، والإملاك. وقيل: هي كلّ طعام صُنِع لِعُرس وغيره، وقد أولم. قال أبو عبيد: سمعت أبا زيد يقول: يُسمَّى الطعام الذي يُصنع عند الْعُرْس الوليمةَ، والذي عند الإملَاكِ النَّقِيعَةَ انتهى (¬1). وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسألة الرابعة إن شاء اللَّه تعالى.
(وَلَوْ بِشَاةٍ) "لو" هنا للتقليل، كما في حديث: "رُدُّوا السائل ولو بظلف مُحْرَق" (¬2)، قال السيوطيّ في "الكوكب الساطع" عند تعداد معاني "لو":
وَقِلَّةٍ كَخَبَرِ الْمُصَدَّقِ ... تَصَدَّقُوا وَلَو بِظِلْفِ مُحْرَقِ
وقال في "الفتح": ليست "لو" هذه الامتناعيّة (¬3)، وإنما هي للتقليل. وزاد في رواية حماد بن زيد: "فقال: بارك اللَّه لك" قبل قوله: "أولم". وكذا في رواية حماد بن سلمة، عن ثابت، وحميد، وزاد في آخر الحديث: "قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني، ولو رفعت حجرًا لرجوت أن أصيب ذهبًا أو فضّة". فكأنه قال ذلك إشارةً إلى إجابة الدعوة النبويّة بأن يبارك اللَّه له. ووقع في رواية أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - بعد قوله: "أَعْرَستَ؟ "، قال: نعم، قال: "أولمت؟ " قال: لا، فرمى إليه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بنواة من ذهب، فقال: "أولم، ولو بشاة". وهذا لو صحّ كان فيه أن الشاة من إعانة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان يعكُرُ على من استدلّ به على أن الشاة أقلّ ما يشرع للموسر، ولكن الإسناد ضعيف. وفي رواية معمر، عن ثابت: "قال أنس: فلقد رأيته قسم لكلّ امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف". قال الحافظ: قلت: مات عن أربع نسوة، فيكون جميع تركته ثلاثة
¬__________
(¬1) "لسان العرب" 12/ 643. مادة ولم.
(¬2) حديث صحيح أخرجه النسائيّ.
(¬3) أي وهي الشرطيّة، فقد اختلف النحاة، هل تفيد الامتناع أم لا؟، ولو عبّر بالشرطيّة لكان أولى.

الصفحة 58