كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 28)

وقال ابن المنيّر: لا يستلزم المواعدة بين الرجلين وقوع المواعدة بين الأجنبيّ والمرأة؛ لأنها إذا مُنع، وهي في العدّة من خطبتها تصريحًا، ففي هذا يكون بطريق الأولى؛ لأنها إذا طلّقت دخلت العدّة قطعًا. قال: ولكنها وإن اطّلعت على ذلك، فهي بعد انقضاء عدّتها بالخيار، والنهي إنما وقع عن المواعدة بين الأجنبيّ والمرأة، أو وليّها، لا مع أجنبيّ آخر انتهى.
(ومنها): جواز نظر الرجل إلى المرأة قبل أن يتزوّج بها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في معنى "الوليمة":
قال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: الوليمة اسم للطعام في العُرس خاصّةً، لا يقع هذا الاسم على غيره، كذلك حكاه ابن عبد البرّ عن ثعلب وغيره من أهل اللغة. وقال بعض الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: إن الوليمة تقع على كلّ طعام لسرور حادث، إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر، وقول أهل اللغة أقوى؛ لأنهم أهل اللسان، وهم أعرف بموضوعات اللغة، وأعلم بلسان العرب.
و"الْعَذِيرة": اسم لدعوة الختان، وتُسمّى الإعذار. و"الْخُرْسُ، والْخُرْسَة" عند الولادة. و"الوَكِيرَة": دعوة البناء، يقال: وَكّر، وخرّس، مشدّدٌ. و"النَّقِعة": عند قُدوم الغائب، يقال: نَقَعَ، مخفّفٌ. و"العقيقة": الذبح لأجل الولد، قال الشاعر:
كُلَّ الطَّعَامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ ... الْخُرسَ وَالإعْذَارَ وَالنَّقِيعَهْ
والحِذَاقُ: الطعام عند حِذَاق الصبيّ. و"المَأْدُبَةُ: اسمٌ لكلّ دعوة لسبب كانت، أو لغير سبب. والآدِبُ: صاحب المأدُبة، قال الشاعر [من الرمل]:
نَحنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى ... لَا تَرَى الآدِبَ مِنَّا يَنْتَقِرْ
و"الْجَفَلَى" في الدعوة: أن يعمّ الناسَ بدعوته. و"النَّقَرَى": هو أن يَخُصّ قومًا دون قوم انتهى كلام ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى- (¬1).
وقال في "الفتح": وقال صاحب "المحكم": الوليمة: طعام العرس، والإملاك. وقيل: كلّ طعام صُنع لعرس وغيره. وقال عياض في "المشارق": الوليمة طعام النكاح. وقيل: الإملاك. وقيل: طعام العرس خاصّة. وقال الشافعيّ، وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تُتّخذ لسرور حادثة، من نكاح، أو ختان، وغيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح، وتقييده في غيره، فيقال: وليمة الختان، ونحو
¬__________
(¬1) "المغني" 10/ 191.

الصفحة 61