بإيجاب العدّة عليها؛ لحفظها عن التصرّف، والمبيت في غير منزلها؛ حفظًا لها. انتهى باختصار، وقد تقدّم بأتمّ من هذا (¬1). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه
أنيب".
...
58 - (بَابُ الإِحْدَادِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الإحداد" -بكسر الهمزة-: مصدر أحدّت المرأة رُباعيًّا، ويقال: حدّت ثلاثيًّا. قال الفيّوميّ: حدّت المرأة على زوجها تَحِدُّ -بالكسر- وتَحُدّ- بالضمّ حِدَادًا بالكسر، فهي حادّ، بغير هاء، وأحدّت إحدادًا، فهي مُحِدٌّ، ومُحِدَّة: إذا تركت الزينة لموته. وأنكر الأصمعيّ الثلاثيّ، واقتصر على الرباعيّ. انتهى (¬2).
وقال ابن منظور -بعد ذكر نحو ما تقدّم-: قال أبو عبيد: وإحداد المرأة على زوجها ترك الزينة. وقيل: هو إذا حَزِنت عليه، ولبست ثياب الحزن، وتركت الزينة والخضاب. قال أبو عبيد: ونرى أنه مأخوذ من المنع؛ لأنها قد مُنِعَت من ذلك، ومنه قيل للبوّاب حدّاد؛ لأنه يمنع الناس من الدخول انتهى (¬3).
وقال في "الفتح": قوله: "تحد" بضمّ أوله، وكسر ثانيه، من الرباعيّ، ويجوز بفتحة، ثم ضمة، من الثلاثيّ. قال أهل اللغة: أصل الإحداد المنع، ومنه سمّي البوّاب حدّادًا؛ لمنعه الداخل، وسمّيت العقوبة حدًّا؛ لأنها تردع عن المعصية. وقال ابن درستويه: معنى الإحداد منع المعتدّة نفسَهَا الزينةَ، وبَدَنهَا الطيبَ، ومنع الْخُطّاب خِطبتها، والطمعَ فيها، كما منع الحدّ المعصية. وقال الفراء: سمّي الحديد حديدًا؛ للامتناع به، أو لامتناعه على محاوله، ومنه تحديد النظر بمعنى امتناع تقلّبه في الجهات. ويُروى بالجيم، حكاه الخطّابيّ، قال: يُروى بالحاء والجيم، وبالحاء أشهر، والجيم
¬__________
(¬1) راجع "المغني" 11/ 223 - 224.
(¬2) "المصباح المنير" مادة "حدد".
(¬3) "لسان العرب" 3/ 143 "مادة حدد".