كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 29)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن رواية "وكان زوجها عبدًا" هي الراجحة، كما سيأتي قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3478 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: كَاتَبَتْ بَرِيرَةُ عَلَى نَفْسِهَا, بِتِسْعِ أَوَاقٍ, فِي كُلِّ سَنَةٍ بِأُوقِيَّةٍ, فَأَتَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا, فَقَالَتْ: لاَ, إِلاَّ أَنْ يَشَاءُوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً, وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِي, فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ, فَكَلَّمَتْ فِي ذَلِكَ أَهْلَهَا, فَأَبَوْا عَلَيْهَا, إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ, فَجَاءَتْ إِلَى عَائِشَةَ, وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ, فَقَالَتْ لَهَا: مَا قَالَ أَهْلُهَا, فَقَالَتْ: لاَ, هَا اللَّهِ إِذًا, إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لِي, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَا هَذَا؟» , فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ, إِنَّ بَرِيرَةَ أَتَتْنِي, تَسْتَعِينُ بِي عَلَى كِتَابَتِهَا, فَقُلْتُ: لاَ, إِلاَّ أَنْ يَشَاءُوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً, وَيَكُونُ الْوَلاَءُ لِي, فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأَهْلِهَا, فَأَبَوْا عَلَيْهَا, إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «ابْتَاعِيهَا, وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ, فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» , ثُمَّ قَامَ, فَخَطَبَ النَّاسَ, فَحَمِدَ اللَّهَ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ, يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا, لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, يَقُولُونَ: أَعْتِقْ فُلاَنًا, وَالْوَلاَءُ لِي, كِتَابُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَحَقُّ, وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ, وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ, فَهُوَ بَاطِلٌ, وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» , فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - مِنْ زَوْجِهَا, وَكَانَ عَبْدًا, فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا, قَالَ عُرْوَةُ: فَلَوْ كَانَ حُرًّا, مَا خَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (إسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه المترجم قريبًا.
2 - (جرير) بن عبد الحميد بن قُرط الضبيّ، أبو عبد اللَّه الكوفيّ، نزيل الريّ، وقاضيها، ثقة، صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يَهِم من حفظه [8] 2/ 2.
3 - (هشام بن عروة) بن الزبير الأسديّ، أبو المنذر المدنيّ، ثقة فقيه، ربما دلّس [5] 49/ [6]
4 - (أبوه) عروة بن الزبير بن العوّام الأسديّ، أبو عبد اللَّه المدنيّ الفقيه، ثقة ثبت [3] 40/ 44.
5 - (عائشة) أم المؤمنين - رضي اللَّه تعالى عنها -5/ 5. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فمروزيّ، وجرير، فرازيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، والابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.

الصفحة 29