كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 29)

[ثالثها]: ثبوت الألفين بهمزة قطع.
[رابعها]: بحذف الألف، وثبوت همزة القطع انتهى كلامه. والمشهور في الرواية من هذه الأوجه الثالث، ثمّ الأول.
وقال أبو حاتم السجستانيّ: العرب تقول: "لا هأ اللَّه ذا" بالهمز، والقياس ترك الهمزة. وحكى ابن التين عن الداوديّ أنه روى برفع "اللَّه"، قال: والمعنى يأبى اللَّه.
وقال غيره: إن ثبت الرواية بالرفع فتكون "ها" للتنبيه، و"اللَّه " مبتدأ، و"لا يعمد" خبره انتهى. ولا يخفى تكلّفه. وقد نقل الأئمّة الاتفاق على الجرّ، فلا يلتفت إلى غيره.
وأما "إذا" فثبتت في جميع الروايات المعتمدة، والأصول المحقّقة من "الصحيحين"، وغيرهما بكسر الألف، ثمّ ذال معجمة منوّنة. وقال الخطّابيّ: هكذا يروونه، وإنما هو في كلامهم -أي العرب- لا ها اللَّه ذا، والهاء فيه بمنزلة الواو، والمعنى: لا واللَّهيكون ذا. ونقل عياض فيم "المشارق" عن إسماعيل القاضي أن المازنيّ قال: قول الرواة: "لا ها اللَّه إذا" خطأٌ، والصواب: لا ها اللَّه ذا، أي يميني وقسمي. وقال أبو زيد: ليس في كلامهم لا ها اللَّه إذا، وإنما هو لا ها اللَّه ذا، و"ذا" صلة في الكلام، والمعنى لا واللَّه، هذا ما أقسم به، ومنه أخذ الجوهريّ، قال: قولهم: لا ها اللَّه ذا، معناه لا واللَّه هذا، ففرقوا بين حرف التنبيه والصلة، والتقدير لا واللَّه ما فعلت ذا. وتوارد كثير ممن تكلّم على هذا الحديث أن الذي وقع في الخبر بلفظ "إذًا" خطأٌ، وإنما هو "ذا" تبعًا لأهل العربيّة، ومن زعم أنه ورد في شيء من الريات بخلاف ذلك، فلم يصب، بل يكون ذلك من إصلاح بعض من قلّد أهل العربية في ذلك. وقد اختلف في كتابة "إذًا" هذه، هل تُكتب بألف، أو بنون. وهذا الخلاف مبنيّ على أنها اسم، أو حرف، فمن قال: هي اسم، قال: الأصل فيمن قيل له: سأجيء إليك، فأجاب إذا أكرمك، أي إذا جئتني أكرمك، ثم حذف "جئتني"، وعوّض عنها التنوين، وأُضمرت "أن"، فعلى هذا يكتب بالنون. ومن قال: هي حرف -وهم الجمهور- اختلفوا، فمنهم من قال: هي بسيطةٌ، وهو الراجح، ومنهم من قال: مركّبةٌ من "ذا"، و"إن"، فعلى الأول تكتب بألف، وهو الراجح، وبه وقع رسم المصاحف. وعلى الثاني تكتب بنون. واختلف في معناها، قال سيبويه: معناها الجواب والجزاء، وتبعه جماعةٌ، فقالوا: هي حرف جواب يقتضي التعليل. وأفاد أبو عليّ الفارسيّ أنها قد تتمحّض للجواب، وأكثر ما تجيء جوابًا لـ "لو"، و"إن"، ظاهرًا، أو مقدّرًا، فعلى هذا لو ثبتت الرواية بلفظ "إذا" لاختلّ نظم الكلام؛ لأنه يصير هكذا: لا، واللَّه، إذًا لا يعمِد إلى أسد الخ، وكان حقّ السياق أن يقول: إذا يعمد، أي لو أجابك إلى ما طلبتَ لعمد إلى أسد الخ. وقد ثبتت

الصفحة 33