كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 29)

(ومنها): أن فيه أنسًا - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِى الْخَيْلِ). جملة ممن مبتدإٍ وخبر، مستأنفة بَيَّنَ بها أن الخير ملازم لنواصي الخيل.
قال في "الفتح": قوله: "البركة في نواصي الخيل" كذا وقع، ولا بُدّ فيه من شيء محذوف يتعلّق به الجار والمجرور، وأولى ما يقدّر ما ثبت في رواية أخرى، فقد أخرجه الإسماعيليّ، من طريق عاصم بن عليّ، عن شعبة، بلفظ: "البركة تنزل في نواصي الخيل". وأخرجه من طريق ابن مهديّ، عن شعبة، بلفظ: "الخير معقود في نواصي الخيل". وعند البخاريّ في "علامات النبوّة" من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة، بلفظ حديث عروة البارقيّ (¬1)، إلا أنه ليس فيه: "إلى يوم القيامة".
قال عياضٌ: إذا كان في نواصيها البركة، فيبعد أن يكون فيها شؤم، فيحتمل أن يكون الشؤم المتقدّم ذكره في غير الخيل التي رُبطت للجهاد، وأن الخيل التي أُعدّت له هي المخصوصة بالخير والبركة، أو يقال: الخير والشرّ يمكن اجتماعهما في ذات واحدة، فإنه فُسّر الخير بالأجر والمغنم، ولا يمنع ذلك أن يكون ذلك الفرس مما يُتشاءم به انتهى (¬2). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-6/ 3598 - وفي "الكبرى" 7/ 4414. وأخرجه (خ) في "الجهاد والسير" 2851 و "المناقب" 3645 (م) في "الإمارة" 1874 (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 11715 و11881 و12340. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
...
¬__________
(¬1) هو اللفظ الآتي للمصنّف في الباب التالي: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
(¬2) "فتح" 6/ 143. "كتاب الجهاد والسير".

الصفحة 386