كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 30)

بعضها (في نفر"، كما هي رواية حماد، عن أيوب في "فرض الخمس". انتهى (¬1).
(نَسْتَحْمِلُهُ) أي نطلب منه ما نركبه، ويحمل أثقالنا في الغزو، وكان ذلك في غزوة تبوك. وفي رواية لمسلم: "كنّا مشاة، فأتينا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نستحمله". وزاد في رواية ابن عليّة، عن أيوب: "وهو يَقسم غنمًا، من نَعَم الصدقة"، قال أيوب: أحسبه قال: "وهو غضبان"، وفي رواية عبد الوارث، عن أيوب: "فوافقته، وهو غضبان، وهو يَقسم نَعَمًا من نَعَم الصدقة"، وفي رواية وُهيب، عن أيوب عند أبي عوانة في "صحيحه": (وهو يَقسم ذَوْدًا من إبل الصدقة".
وفي رواية لمسلم-1649 - من طريق بُريد بن عبد اللَّه، عن أبي بُردة، عن أبي موسى - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "أرسلني أصحابي إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أسأله لهم الْحُمْلان، إذهم معه في جيش العسرة، وهي غزوة تبوك، فقلت: يا نبيّ اللَّه، إن أصحابي أرسلوني إليك لتحملهم، فقال: واللَّه لا أحملكم على شيء، ووافقته، وهو غضبان، ولا أشعُرُ، فرجعت حزينًا من منع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومن مخافة أن يكون رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد وجَدَ في نفسه عليّ، فرجعت إلى أصحابي، فأخبرتهم الذي قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلم أَلبَث إلا سُويعة، إذ سمعت بلالا ينادي، أَيْ عبد اللَّه بن قيس، فأجبته، فقال: أجب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يدعوك، فلما أتيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: خذ هذين القرينين، وهذين القرينين، وهذين القرينين، لستة أبعرة، ابتاعهن حينئذ من سعد، فانطَلِقْ بهن إلى أصحابك، فقل: إن اللَّه -أو قال-: إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يحملكم على هؤلاء، فاركبوهن، قال أبو موسى، فانطلقت إلى أصحابي بهنّ، فقلت: إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يحملكم على هؤلاء، ولكن واللَّه، لا أَدَعُكم، حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، حين سألته لكم، ومنعه في أول مرة، ثم إعطاءه إياي بعد ذلك، لا تظنوا أني حدثتكم شيئا، لم يقله، فقالوا لي: واللَّه إنك عندنا لَمُصَدَّق ولنفعلنّ ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم، حتى أتوا الذين سمعوا قول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومنعه إياهم، ثم إعطاءهم بعدُ، فحدثوهم بما حدثهم به أبو موسى سواء".
ويجمع بأن أبا موسى حضر هو والرهط، فباشر الكلام بنفسه عنهم.
(فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ) قال القرطبيّ: فيه جواز اليمين عند المنع، ورد السائل الملْحِف عند تعذر الإسعاف، وتأديبه بنوع من الإغلاظ بالقول (وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ) أي ليس عندي شيء من الإبل أحملكم عليه، وإنما ذكر - صلى اللَّه عليه وسلم - هذه الجملة-واللَّه أعلم-
¬__________
(¬1) "فتح" 13/ 477.

الصفحة 326