كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 30)

وقال الفيّوميّ: الاستثناء استفعال، من ثنيتُ الشيءَ أثنِيه ثَنْيًا، من باب رمى: إذا عطفتُه، ورددتُه، وَثَنَيْتُهُ عن مراده: إذا صرفتُهُ عنه، وعلى هذا فالاستثناء صرف العامل عن تناول المسّتثنى، ويكون حقيقةٌ في المتصل، وفي المنفصل أيضًا؛ لأن "إلا" هي التي عدَّت الفعل إلى الاسم حتى نصبه، فكانت بمنزلة الهمزة في التعدية، والهمزةُ تُعدّي الفعلَ إلى الجنس، وغير الجنس حقيقةً وفاقًا، فكذلك ما هو بمنزلتها. انتهى (¬1).
وقال في "الفتح": الاستثناء: استفعالٌ من الثُّنْيا -بضمّ المثلّثة، وسكون النون، بعدها تحتانيّةٌ - ويقال لها الثَّنْوَى أيضًا بواو بدل الياء، مع فتح أوّله، وهي من ثنيت الشيء: إذا عطفته، كان المستثنيَ عطف بعض ما ذكره؛ لأنها في الاصطلاح إخراج بعض ما يتناوله اللفظ، وأدواتها "إلاّ" وأخواتها. وتُطلق أيضًا على التعاليق، ومنها التعليق على المشيئة، وهو المراد في هذه الترجمة، فإذا قال: لأفعلنّ كذا، إن شاء اللَّه تعالى، استثنى، وكذا إذا قال: لا أفعل كذا إن شاء اللَّه، ومثله في الحكم أن يقول: إلا أن يشاء اللَّه، أو إلا إن شاء اللَّه، ولو أتى بالإرادة، والاختيار بدل المشيئة جاز، فلو لم يفعل إذا أثبت، أو فعل إذا نفى، لم يَحنث، فلو قال: إلا إن غير اللَّه نيّتي، أو بدّل، أو إلا أن يبدُو لي، أو يظهر، أو إلا أن أشاء،, أو أريد، أو أختار، فهو استثناء، لكن يُشترط وجود المشروط. انتهى (¬2). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3820 - (أَخْبَرَنِي (¬3) أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ حَلَفَ, فَاسْتَثْنَى, فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ, غَيْرَ حَنِثٍ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (أحمد بن سعيد) الرباطيّ المروزيّ، أبو عبد اللَّه الأشقر، ثقة حافظ [11] 90/ 1030.
2 - (حَبَّان) -بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحّدة- ابن هلال، أبو حَبِيب البصريّ، ثقة ثبتٌ [9] 44/ 590.
3 - (عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان العنبريّ مولاهم، أبو عُبيدة التَّنُّوريّ البصريّ، ثقة ثبتٌ، رُمي بالقدر، ولم يثبُت عنه [8] 6/ 6.
4 - (أيوب) بن أبي تميمة كيسان السَّخْتيانيّ البصريّ، ثقة ثبت فقيه عابد [5] 42/ 48.
¬__________
(¬1) راجع "المصباح المنير" 1/ 85.
(¬2) "فتح" 13/ 465 - 366. "كتاب الأيمان والنذور".
(¬3) وفي نسخة: "أخبرنا".

الصفحة 352