كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 30)

23 - (فِي اللَّغْوِ وَالْكَذِبِ)
3826 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَنَحْنُ فِي السُّوقِ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذِهِ السُّوقَ يُخَالِطُهَا اللَّغْوُ وَالْكَذِبُ، فَشُوبُوهَا بِالصَّدَقَةِ").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن جعفر": هو المعروف بغندر. و"مُغيرة": وابن مِقْسم الضبيّ الكوفيّ.
وقوله: إن هذه السوق" وفي نسخة: "هذا السوق"، قال الفيّوميّ: السُّوق يُذكّر ويؤنّث. وقال أبو إسحاق: السُّوق التي يُباع فيها مؤنّثة، وهو أفصح، وأصحّ، وتضغيرها سُوَيقةٌ، والتذكير خطأٌ؛ لأنه قيل سوقٌ نافقةٌ، ولم يُسمع نافقٌ بغير هاء، والنسبة إليها سوقيّ، على لفظها. انتهى.
وقوله: "فشوبوها" الضمير راجع إلى السوق، لكن بمعنى ما يحدث فيها من البيع والشراء، من إطلاق المحلّ على الحال، أي اخلطوا ما يقع فيها من تجاراتكم بالصدقة؛ تكفيرًا لخطاياكم.
والحديث صحيح، وقد سبق القول فيه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3827 - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ نَبِيعُ الْأَوْسَاقَ, وَنَبْتَاعُهَا، وَكُنَّا نُسَمِّي أَنْفُسَنَا السَّمَاسِرَةَ, وَيُسَمِّينَا النَّاسُ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ، فَسَمَّانَا بِاسْمٍ, هُوَ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي سَمَّيْنَا أَنْفُسَنَا, وَسَمَّانَا النَّاسُ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّهُ يَشْهَدُ بَيْعَكُمُ الْحَلِفُ, وَالْكَذِبُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "جرير": وابن عبد الحميد. و"منصور": هو ابن المعتمر.
وقوله: "نبيع الأوساق الخ" هي جمع وسق بكسر الواو، ويجوز فتحها، فيجمع على وُسُوقٍ، وأوسُق، كفلس وفُلُوسٍ، وأَفلُس: مِكْيلة معلومة. وقيل: هو حِمْلُ بعير، وهو ستّون صاعًا بصاع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو خمسة أرطال وثلث. قاله في "اللسان".
والظاهر أنهم يبيعون نفس الأوساق، ويشترونها، ويحتمل أن يكون المراد بيعهم ما يكال بها من الحبوب، كالحنطة، والشعير، والذّرَة، ونحوها.

الصفحة 372