كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 30)
الشافعيّة، وكذا عند الحنابلة، وجزم الحنفيّة بكفّارة اليمين في الجميع، والمالكيّة بأنه لا ينعقد أصلاً. انتهى (¬1).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي ما قاله المالكيّة؛ لحديث: "إنما النذر ما ابتغي به وجه اللَّه". رواه أحمد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فهو وإن كان في إسناد مقال، إلا أن له شواهد من حديث عقبة بن عامر، ومن حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -، كما سيأتي بيانه.
والحاصل أن الأرجح أنه لا شيء في النذر في المكروه، وخلاف الأولى، والمباح المحض. واللَّه تعالى أعلم.
وقال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: صيغة النذر أن يقول: للَّه عليّ أن أفعل كذا، وإن قال: عليّ نذرُ كذا لزمه أيضًا؛ لأنه صرّح بلفظ النذر. وإن قال: إن شفاني اللَّه فعليّ صوم شهر، كان نذرًا. وإن قال: للَّه عليّ المشي إلى بيت اللَّه، قال ابن عمر، في الرجل يقول: عليّ المشي إلى الكعبة للَّه، قال: هذا نذرٌ، فليمش، ونحوه عن القاسم ابن محمد، ويزيد بن إبراهيم التيميّ (¬2)، ومالك، وجماعة من العلماء. واختُلف فيه على سعيد بن المسيّب، والقاسم بن محمد، فروي عنهما مثل قولهم، وروي عنهما فيمن قال: عليّ المشي إلى بيت اللَّه، فليس بشيء، إلا أن يقول: عليّ نذر مشيٍ إلى بيت اللَّه. قال؛ ولنا أن لفظة "عليَّ" للإيجاب على نفسه، فهذا قال: عليّ المشي إلى بيت اللَّه، فقد أوجبه على نفسه، فزمه، كما لو قال: هو عليّ نذرٌ. انتهى كلام ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- (¬3). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3828 - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: "إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (إسماعيل بن مسعود) الجحدريّ، أبو مسعود البصريّ، ثقة [10] 42/ 47.
2 - (خالد بن الحارث) الْهُجيميّ، أبو عثمان البصريّ، ثقة ثبت [8] 42/ 47.
3 - (شعبة) بن الحجاج الإمام الحجة الثبت [7] 24/ 27.
¬__________
(¬1) "فتح" 13/ 429 - 430. "كتاب الإيمان والنذور" رقم الحديث 6690.
(¬2) هكذا النسخة، ولعل الصواب: وإبراهيم بن يزيد التيميّ، فليُحرّر.
(¬3) "المغني" 13/ 659.
الصفحة 374
393