كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 30)

4 - (منصور) بن المعتمر، أبو عتّاب الكوفيّ، ثقة ثبت [6] 2/ 2.
5 - (عبد اللَّه بن مرّة) الهمدانيّ البخاريّ الكوفيّ، ثقة [3] 17/ 1860.
6 - (عبد اللَّه بن عمر) بن الخطاب - رضي اللَّه تعالى عنهما - 12/ 12. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين إلى شعبة، والباقون كوفيون، غير الصحابيّ، فإنه مدني. (ومنها): أن فيه ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (2630) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ) - رضي اللَّه عنهما - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ النَّذْرِ) وفي حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - الآتي -26/ 3832 - قال: "لا تنذروا" بصريح النهي. قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا غريبْ من العلم، وهو أن يُنهى عن الشيء أن يُفعَل، حتى إذا فُعل وقع واجبًا. انتهى.
قال القرطبيّ: هذا النذر محلّه أن يقول: إن شفى اللَّه مريضي، أو قَدِم غائبي فعليّ عتق رقبة، أو صدقة كذا، أو صوم كذا، ووجه هذا النهي هو أنه لَمّا وقف فعل هذه القربة على حصول غرض عاجل ظهر، أنه لم يتمحّض له نية التقرّب إلى اللَّه تعالى بما صدر منه، بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ألا ترى أنه لو لم يحصل غرضه لم يفعل؟ وهذه حال البخيل، فإنه لا يُخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يربّي على ما أخرج، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه بقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: إنما يُستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يُخرجه"، ثم يُضاف إلى هذا اعتقاد جاهل يظنّ أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو أن اللَّه تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة بقوده - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فإن النذر لا يردّ من قدر اللَّه شيئًا". وهاتان جهالتان، فالأولى تقارب الكفر، والثانية خطأٌ صُراح.
وإذا تقرّر هذا، فهل هذا النهي محمول على التحريم، أو على الكراهة؟ المعروف من مذاهب العلماء الكراهة، قال القرطبيّ: والذي يظهر لي حمله على التحريم في حقّ من يُخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد، فيكون إقدامه على ذلك محرّمًا، والكراهة في

الصفحة 375