كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 30)
كثير، عن محمد بن أبان، فرجعت رواية عبيد اللَّه إلى طلحة، ورواية يحيى إلى محمد ابن أبان، وسلمت رواية أيوب من الاختلاف، وهي كافيةٌ في ردّ دعوى انفراد طلحة به. وقد رواه أيضًا عبد الرحمن بن الْمُجَبِّر -بضمّ الميم، وفتح الجيم، وتشديد الموحّدة- عن القاسم. أخرجه الطحاويّ. انتهى (¬1).
(عَنِ الْقَاسِمِ) بن محمد بن أبي بكر الصدّيق (عَنْ) عمّته (عَائِشَةَ) - رضي اللَّه عنها - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ) أي بالوفاء بما التزمه (وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ) أي لا يجوز له الوفاء بما التزمه من المعصية، وظاهره أنه لا ينعقد أصلًا. وقيل: ينعقد يمينًا، وفيه كفارة، وهو الحقّ.
وقال في "الفتح": الطاعة أعم من أن تكون في واجب، أو مستحبّ، ويُتصوّر النذر في فعل الواجب بأن يؤقّته، كمن ينذر أن يصلي الصلاة في أول وقتها، فيجب عليه ذلك بقدر ما أقته، وأما المستحت من جميع العبادات المالية، والبدنية، فينقلب بالنذر واجبًا، ويتقيّد بما قيده به الناذر، والخبر صريح في الأمر بوفاء النذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن ترك الوفاء به إذا كان في معصية، وهل يجب في الثاني كفّارة يمين، أم لا؟ قولان للعلماء، سيأتي بيانهما قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.
وقد قسم بعض الشافعيّة الطاعة إلى قسمين: واجب عينًا، فلا ينعقد به النذر، كصلاة الظهر مثلاً، وصفةٌ فيه، فينعقد، كإيقاعها أول الوقت، وواجب على الكفاية، كالجهاد، فينعقد، ومندوبٌ عبادة عينًا كان، أو كفايةً، فينعقد، ومندوب لا يسمّى عبادَةَ، كعيادة المريض، وزيارة القادم، ففي انعقاده وجهان، والأرجح انعقاده، وهو قول الجمهور، والحديث يتناوله، فلا يُخصّ من عموم الخبر إلا القسم الأوّل؛ لأنه تحصيل الحاصل (¬2). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-27/ 3833 و 28/ 3834 و 3835 - وفي "الكبرى" 48/ 474 و5/
¬__________
(¬1) "فتح" 13/ 440.
(¬2) "فتح" 13/ 440 - 441.
الصفحة 387
393