كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 31)

انتهى (¬1). والجداول: جمع جدول: وهو النهر الصغير.
قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: ومعنى هذا أن صاحب الأرض كان يُؤاجر أرضه بالثلث، أو بالربع، أوبأن يكون له ما يُزرع على جوانب الأنهار، والجداول، وعلى أفواهها، وكان منهم من يؤاجر أرضه بالماذيانات خاصّةٌ. انتهى (¬2).
والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله: (وَافَقَهُ مَالِكُ بْنُ أنسٍ، عَلَى إِسْنَادِهِ، وَخَالَفَهُ فِي لَفْظِهِ) يعني أن مالك بن أنس إمام دار الهجرة وافق الأوزاعيّ --رحمهما اللَّه تعالى-- في إسناد هذا الحديث، حيث روياه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس، عن رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه -، لكنه خالفه في متن الحديث، والاختلاف بين المتنين واضح، كما بيّنه بما ساقه بقوله:
3927 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنْ رَبِيعَةَ, عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ, قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ, عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ؟ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ, قُلْتُ: بِالذَّهَبِ, وَالْوَرِقِ؟ قَالَ: لاَ, إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا, فَأَمَّا الذَّهَبُ, وَالْفِضَّةُ, فَلاَ بَأْسَ). رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رضي اللَّه عنه - عَنْ رَبِيعَةَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"عمرو بن عليّ": هو الفلّاس. و"يحيى": هو ابن سعيد القطّان. والحديث أخرجه مسلم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله (رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنْ رَبِيعَةَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ) يعني أن سفيان بن سعيد الثوريّ -رحمه اللَّه تعالى- وافق الأوزاعيّ، ومالكًا في إسناد هذا الحديث، لكن خالفهما في متنه، فجعله موقوفًا على رافع - رضي اللَّه عنه -، لكن الحكم في مثل هذا لمن رفع؛ لأن معه زيادة علم؛ ولأنهم أكثر. واللَّه تعالى أعلم.
ثم بيّن -رحمه اللَّه تعالى- رواية الثوريّ بقوله:
3928 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ, عَنْ وَكِيعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ, قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ, عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ الْبَيْضَاءِ, بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ, فَقَالَ: حَلاَلٌ, لاَ بَأْسَ بِهِ, ذَلِكَ فَرْضُ الأَرْضِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح. والحديث صحيح مرفوعًا، كما سبق آنفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب،
¬__________
(¬1) "النهاية" 4/ 9.
(¬2) "المفهم" 4/ 408 - 409.

الصفحة 159