كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
والمكثرين السبعة. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ) ذكر الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى سبب هَذَا النهي، فَقَالَ فِي "صحيحه" 2/ 765: وَقَالَ الليث، عن أبي الزناد، كَانَ عروة بن الزبير، يحدث عن سهل بن أبي حثمة الأنصاريّ، منْ بني حارثة، أنه حدثه عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّاس فِي عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يتبايعون الثمار، فإذا جَدَّ الناسُ وحضر تقاضيهم، قَالَ المبتاع: إنه أصاب الثمر الدُّمَان، أصابه مِرَاضٌ، أصابه قُشَام (¬1)، عاهات، يحتجون بها، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما كثرت عنده الخصومة فِي ذلك، فإِمّا لا، فلا تتبايعوا حَتَّى يبدو صلاح الثمر، كالمشورة، يشير بها؛ لكثرة خصومتهم. انتهى.
قَالَ فِي "الفتح": قَالَ الداودي الشارح: قول زيد بن ثابت: "كالمشورة يشير بها عليهم"، تأويل منْ بعض نقلة الْحَدِيث، وعلى تقدير أن يكون منْ قوله زيد بن ثابت، فلعل ذلك كَانَ فِي أول الأمر، ثم ورد الجزم بالنهي، كما بينه حديث ابن عمر وغيره. انتهى "فتح" 5/ 143.
(حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ) قد جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما تفسير بدوّ صلاحه، ففي رواية مسلم منْ طريق شعبة، عن عبد الله بن دينار: فقيل لابن عمر: ما صلاحه؟ قَالَ تذهب عاهته. و"العاهة": الآفة.
قَالَ فِي "الفتح" 5/ 141: والمعنى فيه أن تُؤمن فيها العاهة، وتغلب السلامة، فَيَثِق المشتري بحصولها، بخلاف ما قبل بدو الصلاح، فإنه بصدد الغرر، وَقَدْ أخرج مسلم (¬2) الْحَدِيث، منْ طريق أيوب، عن نافع، فزاد فِي الْحَدِيث: "حَتَّى يأمن العاهة"، وفي رواية يحيى بن سعيد، عن نافع، بلفظ: "وتذهب عنه الآفة، يبدو صلاحه، حمرته، وصفرته"، وهذا التفسير منْ قول ابن عمر، بينه مسلم، فِي روايته منْ طريق شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فقيل لابن عمر: ما صلاحه؟ قَالَ: تذهب عاهته. انتهى.
¬__________
(¬1) "الدمان" بفتح الدال، وضمها: فساد الطلع، وتعفّنه. و"المراض" بكسر الميم، وضمها: داء يقع فِي الثمرة، فتهلك. و"القشام" بضم القاف، ومعجمة مخفّفة: أن ينقص ثمر النخل قبل أن يصير بَلْحًا. وقيل: هو أكّال يقع فِي الثمر.
(¬2) سيأتي للنسائيّ بهذا الزيادة فِي 40/ 4553 - بلفظ: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع النخلة حَتَّى تزهو، وعن السنبل حَتَّى يبيضّ، ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري".
الصفحة 250
389