كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)

يقال: تُزهي، لا غير، وأثبت غيره ما نفاه، فَقَالَ: زها: إذا طال، واكتمل، وأزهى إذا احمرّ، واصفرّ. انتهى.
وَقَالَ المجد فِي "القاموس": زها النخلُ: طال، كأزهى، وزهى البُسْر: تلوّن، كأزهى، وزَهَّى. انتهى.
وَقَالَ الفيّوميّ فِي "المصباح": زها النخل يزهو زَهْوًا، والاسم الزُّهُوُّ بالضمّ: ظهرت الحمرة، والصُّفرة فِي ثمره. وَقَالَ أبو حاتم: وإنما يُسمّى زهْوًا: إذا خَلَصَ لون الْبُسْرة فِي الحمرة، أو الصفرة. ومنهم منْ يقول: زها النخل: إذا نبت ثمره، وأزهى: إذا احمرّ، أو اصفرّ. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذكره صاحبا "القاموس"، و"المصباح" أن ما نفاه الخطّابيّ ثابت لغة، وليس غلطًا، فيقال: زها النخل، وأزهى، وزهّى: إذا احمرّ، أو اصفرّ. والله تعالى أعلم.
(قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ) هَذَا صريح فِي أن التفسير مرفوع، لكن ثبت فِي روايه البخاريّ عن حميد: "قلنا لأنس: ما زهوها؟ قَالَ: تحمرّ"، ولمسلم منْ هَذَا الوجه: "فقلت لأنس"، وكذلك رواه أحمد عن يحيى القطّان، عن حميد، لكن قَالَ: "قيل لأنس: ما تزهو؟ ".
ولا تعارض بينهما؛ لأنه يجوز أن يرويه أنس -رضي الله عنه- مرفوعا أحيانًا، ويُسْأَل عنه أحيانًا فيفسّره، دون أن يرفعه. والله تعالى أعلم.
(وَمَا تُزْهِيَ؟) أي ما المراد به (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (حَتَّى تَحْمَرَّ) أي المعنى أنها لا تباع إلى أن يظهر احمرارها.
وفي حديث جابر -رضي الله عنه- عند البخاريّ منْ طريق سعيد بن ميناء، عنه: "نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن تباع الثمرة حَتَّى تُشْقِحَ، فقيل: وما تشقح؟ قَالَ: تحمارّ، وتصفارّ، ويؤكل منها.
و"تشقح" بضم أوله، منْ الإشقاح رباعيا، يقال: أشقح ثمر النخل إشقاحًا: إذا احمرّ، أو اصفرّ، والاسم الشُّقْحُ بضم المعجمة، وسكون القاف، بعدها مهملة، وذكره مسلم منْ وجه آخر، عن جابر، بلفظ: "حَتَّى تُشْقِهَ"، فأبدل منْ الحاء هاء؛ لقربها منها.
وقوله: فقيل: وما تشقح؟ هَذَا التفسير منْ قول سعيد بن ميناء، راوي الْحَدِيث، بَيّن ذلك أحمد فِي روايته، لهذا الْحَدِيث، عن بهز بن أسد عن سَلِيم بن حَيّان أنه هو الذي سأل سعيد بن ميناء عن ذلك، فأجابه بذلك، وكذلك أخرجه مسلم، منْ طريق بهز، وأخرجه الإسماعيلي منْ طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سَليم بن حيان، فَقَالَ فِي

الصفحة 259