كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
الدَّرَاوردي، عن حميد، مقتصرًا عَلَى هذه الجملة الأخيرة، وجزم الدارقطنيّ، وغير واحد، منْ الحفاظ، بأنه أخطأ فيه، وبذلك جزم ابن أبي حاتم فِي "العلل" عن أبيه، وأبي زرعة، والخطأ فِي رواية عبد العزيز، منْ محمّد بن عباد، فقد رواه إبراهيم بن حمزة، عن الدراوردي، كرواية إسماعيل بن جعفر الآتي ذكرها، ورواه معتمر بن سليمان، وبشر بن المفضل، عن حميد، فَقَالَ فيه: قَالَ: "أفرأيت" الخ، قَالَ: فلا أدري، أنس قَالَ: "بم يستحل؟ "، أو حَدّث به عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أخرجه الخطيب، فِي "المدرج"، ورواه إسماعيل بن جعفر، عن حميد، فعطفه عَلَى كلام أنس، فِي تفسير قوله: "تُزهي"، وظاهره الوقف، وأخرجه الجوزقي منْ طريق يزيد بن هارون، والخطيب منْ طريق أبي خالد الأحمر، كلاهما عن حميد، بلفظ: قَالَ أنس: "أرأيت إن منع الله الثمرة" الْحَدِيث، ورواه ابن المبارك، وهشيم، كما تقدم آنفاً عن حميد، فلم يذكر هَذَا القدر المختلف فيه، وتابعهما جماعة منْ أصحاب حميد عنه، عَلَى ذلك.
قَالَ الحافظ: وليس فِي جميع ما تقدم، ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا؛ لأن مع الذي رفعه زيادة، عَلَى ما عند الذي وقفه، وليس فِي رواية الذي وقفه، ما ينفي قول منْ رفعه، وَقَدْ روى مسلم منْ طريق أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-، ما يُقَوّي رواية الرفع فِي
حديث أنس -رضي الله عنه-، ولفظه: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو بعت منْ أخيك ثمرا، فأصابته عاهة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك، بغير حق". انتهى فتح 5/ 145 وهو بحث نفيس جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
30 - (وَضْعِ الْجَوَائِحِ)
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الجوائح" جمع جائحة، قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: الجائحة: الآفة، يقال: جاحت الآفةُ المال تَجُوحه جَوْحًا، منْ باب قَالَ: إذا أهلكته، وتَجِيحه جِيَاحَةً لغةٌ، فهي جائحة، والجمع الجوائح، والمالُ مجوحٌ، ومَجِيحٌ، وأجاحته بالألف لغة ثالثة، فهو مجاحٌ، واجتاحت المالَ، مثلُ جاحته. قَالَ الشافعيّ: الجائحة: ما أذهب الثمر بأمر سماويّ، وفي حديثٍ: "أمر بوضع الجوائح": والمعنى: بوضع صدقات ذات الجوائح، يعني ما أُصيب منْ الثمار بآفة سماويّة، لا يؤخذ منه صدقة فيما بقي. انتهى.
وَقَالَ فِي "اللسان": الْجَوْحةُ، والجائحةُ: الشدّةُ، والنازلةُ العظيمة التي تجتاح المال
الصفحة 262
389