كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)

الذي يليه منْ طريق نافع. وأخرجه الترمذيّ منْ طريق محمّد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت، ولم يفَصّل حديث ابن عمر منْ حديث زيد بن ثابت، وأشار الترمذيّ إلى أنه وَهِمَ فيه، والصواب التفصيل، ولفظ الترمذيّ: "عن زيد بن ثابت، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المحاقلة، والمزابنة، إلا أنه قد أَذِن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها"، ومراد الترمذيّ أن التصريح بالنهي عن المزابنة لم يَرِد فِي حديث زيد بن ثابت، وإنما رواه ابن عمر بغير واسطة، وروى ابن عمر استثناء العرايا بواسطة زيد بن ثابت، فإن كانت رواية ابن إسحاق محفوظةً احتَمَل أن يكون ابن عمر حمل الْحَدِيث كله عن زيد بن ثابت، وكان عنده بعضه بغير واسطة.
(حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ) الصحابيّ المشهور -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا) وفي رواية البخاريّ: "رخّص بعد ذلك فِي بيع العرايا بالرُّطَب، أو بالتمر، ولم يرخّص فِي غير ذلك". وقوله: "رخّص بعد ذلك" أي بعد النهي عن بيع الثمر بالتمر، وهذا منْ أصرح ما ورد فِي الردّ عَلَى منْ حمل منْ الحنفيّة النهي عن بيع الثمر بالتمر عَلَى عمومه، ومنع أن يكون بيع العرايا مستثنًى منه، وزعم أنهما حكمان مختلفان، وردا فِي سياق واحد، وكذلك منْ زعم منهم كما حكاه ابن المنذر عنهم أن بيع العرايا منسوخٌ بالنهي عن بيع الثمر بالتمر؛ لأن المنسوخ لا يكون بعد الناسخ. قاله فِي "الفتح" 5/ 128. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -32/ 4534 و4535 و33/ 4536 و4538 و4539 و34/ 4540 و4541 و35/ 4542 و39/ 4551 - وفي "الكبرى" 31/ 6123 و6124 و32/ 6125 و33/ 6127 و6128 و39/ 6140. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" 2171 و2172 و2185 و2188 و2192 و2205 و"المساقاة" 2380 (م) فِي "البيوع" 1539 و1542 (أحمد) فِي "مسند المكثرين" 4511. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع الثمر بالتمر، وهو المنع؛ لوقوع التفاضل فيه مع كونهما جنسًا واحدًا. (ومنها): جواز ذلك فِي العرايا، وسيأتي بيانها بعد باب، إن شاء الله تعالى. (ومنها): أنه يدلّ عَلَى تحريم بيع

الصفحة 274