كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
الرطب باليابس منه، ولو تساويا فِي الكيل والوزن؛ لأن الاعتبار بالتساوي إنما يصحّ حالة الكمال، والرطب قد ينقص عن اليابس إذا جفّ نقصًا لا يتقدّر، وهذا قول الجمهور، وعن أبي حنيفة الاكتفاء بالمساواة حالة الرطوبة، وخالفه صاحباه فِي ذلك؛ لصحّة الأحاديث الواردة فِي النهي عن ذلك، وأصرح منْ ذلك حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سئل عن بيع الرُّطَب بالتمر؟ فَقَالَ: "أينقص الرُّطَب إذا جفّ؟ قالوا: نعم، قَالَ: فلا إذًا"، أخرجه مالكٌ، وأصحاب "السنن"، وصححه الترمذيّ، وابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم، وسيأتي للمصنف بعد ثلاثة أبواب -4548 - بلفظ: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التمر بالرطب؟ فَقَالَ لمن حوله: "أينقص الرُّطَب إذا يبس؟ "، قالوا: نعم، فنهى عنه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4535 - (أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يُبَاعَ مَا فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، بِتَمْرٍ بِكَيْلٍ مُسَمًّى، إِنْ زَادَ لِي، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيَّ").
رجال هَذَا الإسناد: خمسة:
1 - (زياد بن أيوب) البغداديّ، طوسي الأصل المعروف بدلّويه البغداديّ، ثقة حافظ [10] 101/ 132.
2 - (ابن علية) إسماعيل بن إبراهيم، أبو بشر البصريّ، ثقة ثبت [8] 18/ 19.
3 - (أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختيانيّ، أبو بكر البصريّ، ثقة ثبت عابد فقيه [5] 42/ 48.
4 - (نافع) مولى ابن عمر المدنيّ الفقيه، ثقة ثبت [3] 12/ 12، والصحابي ذُكر فِي السند الماضي. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه ما بين مدنيين، وهما ابن عمر، ونافع، وبصريين، وهما أيوب، وابن علية، وبغدادي، وهو شيخه. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ) -بميم
الصفحة 275
389