كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
ظاهرة، منْ أول حديث ابن عمر عند البخاريّ بلفظ: "لا تبيعوا الثمر حَتَّى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثمر بالتمر"، فقد غاير بينهما. وقيل: هي المزارعة عَلَى الجزء. وقيل غير ذلك والذي تدل عليه الأحاديث فِي تفسيرها أولى.
[تنبيه]: ظاهر هذه الرواية أن تفسير المزابنة منْ المرفوع، ومثله فِي حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- عند البخاريّ، بلفظ: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المزابنة، والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر، عَلَى رؤوس النخل". وعند مسلم منْ حديث جابر -رضي الله عنه-، فإن كَانَ هَذَا التفسير مرفوعاً، فلا إشكال فِي وجوب الأخذ به، وان كَانَ موقوفًا عَلَى هؤلاء الصحابة، فهم رواة الْحَدِيث، وأعرف بتفسيره منْ غيرهم، قَالَ ابن عبد البرّ: ولا مخالف لهم علمته، بل قد أجمع العلماء عَلَى أن ذلك مزابنة، وإنما اختلفوا هل يلتحق بذلك، كل ما لا يجوز إلا مثلا بمثل، فلا يجوز فيه قيل بجزاف، ولا جزاف بجزاف، فالجمهور عَلَى الإلحاق، وقيل: يختص ذلك بالنخل والكرم. والله أعلم. أفاده فِي "الفتح" 5/ 127 و"الطرح" 6/ 133.
والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ مضى تخريجه فِي الْحَدِيث الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
33 - (بَيْعِ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ)
4536 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضى الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وَقَدْ تقدّموا غير مرّة. والسند منْ رباعيات المصنّف رحمه الله تعالى، وهو (220) منْ رباعيات الكتاب، وهو منْ أصح الأسانيد، عَلَى ما نُقل عن الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى، كما سبق غير مرّة.
وقوله: "الثمر بالتمر" الأول بالثاء المثلثة، والثاني بالتاء المثناة الفوقانيّة، والمراد ثمر النخل: أي رُطَبه، لا كلّ ثمر، إذ يجوز بيع الثمر منْ غير النخل بالتمر كيلاً؛ لجواز التفاضل فيه.
الصفحة 277
389