كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
وقوله: "وبيع الكرم بالزبيب كيلا"، فِي رواية مسلم: "وبيع العنب بالزبيب كيلا"، والكرم -بفتح الكاف، وسكون الراء-: هو شجر العنب، والمراد منه هنا نفس العنب، كما أوضحته روايةُ مسلم.
وفيه: جواز تسمية العنب كرما، وَقَدْ ورد النهي عنه، فقد أخرج الشيخان منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "لا تُسمُّوا العنب كَرْمًا"، وفي رواية: "ويقولون: الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن".
ويُجمع بينهما يحمل النهي عَلَى التنزيه، ويكون ذكره هنا؛ لبيان الجواز، وهذا كله بناء عَلَى أن تفسير المزابنة، منْ كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعلى تقدير كونه موقوفًا، فلا حجة عَلَى الجواز، فيحمل النهي عَلَى حقيقته.
واختلف السلف: هل يُلحق العنب أو غيره بالرطب فِي العرايا، فقيل: لا، وهو قول أهل الظاهر، واختاره بعض الشافعيّة، منهم المحب الطبري. وقيل: يُلحق العنب خاصة، وهو مشهور مذهب الشافعيّ. وقيل: يلحق كل ما يُدَّخَر، وهو قول المالكية. وقيل: يلحق كل ثمرة، وهو منقول عن الشافعيّ أيضًا.
والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق تخريجه فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4537 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ").
رجال هَذَا الإسناد: خمسة:
1 - (قتيبة بن سعيد) الثقفيّ، أبو رجاء البغلانيّ، ثقة ثبت [10] 1/ 1.
2 - (أبو الأحوص) سلّام بنُ سُليم الحنفيّ الكوفيّ ثقة ثبت [7] 79/ 96.
3 - (طارق) بن عبد الرحمن البجليّ الأحمسيّ الكوفيّ، صدوقٌ، له أوهام [5] 2، 3890.
4 - (سعيد بن المسيب) بن حَزْن المخزوميّ المدنيّ، ثقة ثبت فقيه [3] 9/ 9.
5 - (رافع بن خديج) بن عديّ الحارثيّ الأوسيّ الأنصاريّ الصحابيّ الجليل، أول مشاهده أُحد، ثم الخندق، ومات -رضي الله عنه- سنة (3) أو (64) وقيل: قبل ذلك. والله تعالى أعلم.
الصفحة 278
389