كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)
وأما سكوت منْ سكت منْ الرواة، عن فسخ البيع المذكور، فلا يدل عَلَى عدم الوقوع، إما ذُهولا، وإما اكتفاء، بأن ذلك معلوم.
وَقَدْ ورد الفسخ منْ طريق أخرى، كأنه يشير إلى ما أخرجه مسلم، منْ طريق أبي نضرة، عن أبي سعيد، نحو هذه القصّة، وفيه: فَقَالَ: "هَذَا الربا، فردّوه"، قَالَ: ويحتمل تعدد القصة، وأن القصة التي لم يقع فيها الرد، كانت قبل تحريم ربا الفضل. والله أعلم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي سعيد الخدريّ، وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -41/ 4555 و4556 و4557 و4558 و4559 - وفي "الكبرى" 41/ 6145 و6146 و6147 و6148 و6149. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" 2080 و 2202 و"الوكالة" 2312 (م) فِي "المساقاة" 1593 و1594 و1595 (أحمد) فِي "مسند المكثرين" 10609 و10691 و11020 و11065 و11083 و11161 و11188 (الدارمي) فِي "البيوع" 2464. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع التمر بالتمر، مفاضلًا، وهو التحريم. (ومنها): قيام عذر منْ لا يعلم التحريم، حَتَّى يعلمه. (ومنها): أن فيه جوازَ الرفق بالنفس، وترك الحمل عَلَى النفس؛ لاختيار أكل الطيب عَلَى الرديء، خلافا لمن منع ذلك، منْ المتزهدين. (ومنها): البحث عما يستريب به الشخص، حَتَّى ينكشف حاله. (ومنها): النصّ عَلَى تحريم ربا الفضل. (ومنها): اهتمام الإِمام بأمر الدين، وتعليمه لمن لا يعلمه، وإرشاده إلى التوصّل إلى المباحات، وغيرها. (ومنها): أن فيه أن صفقة الربا لا تصحّ. (ومنها): أن بعضهم استدل به عَلَى جواز بيع العِينة، وهو: أن يبيع السلعة منْ رجل بنقد، ثم يشتريها منه بأقل منْ الثمن؛ لأنه لم يَخُصّ بقوله: "ثم اشتر بالدراهم جنيبا" غير الذي باع له الجمع.
وتعقب بأنه مطلق، والمطلق لا يشمل، ولكن يَشِيع، فإذا عُمل به فِي صورة، سقط الاحتجاج به فيما عداها، ولا يصح الاستدلال به عَلَى جواز الشراء، ممن باعه تلك السلعة بعينها. وقيل: إن وجه الاستدلال به لذلك، منْ جهة ترك الاستفصال، ولا
الصفحة 321
389