كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)

كِبعْهُ مُدًّا بِكَذَا يَدًا بيَدْ ... وَكرَّ زَيْدٌ أَسَدًا أَيْ كَأَسَدْ
(مِنْ تَمْرِنَا) أي البعل (فَقَالَ) -رضي الله عنه- (لَا تَفْعَلْ) أي لا تشتر هَذَا الشراء (فَإِنَّ هَذَا، لَا يَصِحُّ) لكونه ربا، وفي قصّة بلال -رضي الله عنه- الآتية: "أوّهْ عينُ الربا، لا تَقْرَبْه" (وَلَكِنْ بعْ تَمْرَكَ) البعل (وَاشْتَرِ مِنْ هَذَا) الريّان (حَاجَتَكَ) أي ما تحتاج إليه، قليلاً كَانَ، أو كثيرًا.
والحديث تقدّم تخريجه، وسائر مسائله فِي الْحَدِيث الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4557 - (حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمْعِ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَبِيعُ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "لاَ صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعٍ، وَلاَ صَاعَيْ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ، وَلاَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير شيخه كما سبق فِي الذي قبله، و"خالد": هو الْهُجيمي المذكور قبله. و"هشام": هو الدستوائيّ.
والسند مسلسل بالبصريين، إلى أبي سلمة، فإنه، وأبا سعيد -رضي الله عنه- مدنيّان، وفيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وفيه أبو سلمة، أحد الفقهاء السبعة عَلَى بعض الأقوال. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف الزهريّ المدنيّ، أنه (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ الْخُدْرِيُّ) -رضي الله عنه- (قَالَ: كُنَّا نُرْزَقُ) بالبناء للمفعول: أي نعطى، وكان هَذَا العطاء مما كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَقسمه فيهم مما أفاء الله تعالى عليهم منْ خيبر. قاله فِي "الفتح" 5/ 34 (تَمْرَ الْجَمْعِ) بفتح, فسكون: هو الْخِلْط منْ التمر، وقيل: هو كلّ لون منْ النخيل، لا يُعرف اسمه، والغالب فِي مثل ذلك أن يكون رديئه أكثر منْ جيّده. قاله فِي "الفتح" 5/ 34 (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي فِي زمنه (فَنَبِيِعُ الصَّاعَيْنِ) أي منْ الجمع (بِالصَّاعِ) أي منْ النوع الجيّد، كالْجَنِيب (فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَا صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعٍ) بنصب "صاعي"؛ لأن "لا" هي النافية للجنس، تعمل عمل "إنّ"، فتنصب اسمها إذا كَانَ مضافًا، كهذا، أو شبه مضاف، كقولك: لا طالبًا للعلم كسلان، كما قَالَ ابن مالك رحمه الله تعالى فِي "خلاصته":
عَمَلَ "إِنَّ" اجْعَلْ لِـ"لَا" فِي النَّكِرَهْ ... مُفْرَدَةً جَاءَتْكَ أَوْ مُكَرَّرَهْ

الصفحة 327