كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"سفيان": هو ابن عيينة. و"مالك بن أوس بن الْحَدَثَان" -بفتح الحاء، والدال المهملتين، بعدها مثلّثة-: هو النصريّ، أبو سعيد المدنيّ، له رؤية، مات سنة (92)، وقيل (91) 1/ 4142. والسند مسلسلٌ بالمدنيين، غير شيخه، فنيسابوريّ، وسفيان، فمكيّ، وفيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، ورواية صحابيّ، عن صحابيّ؛ لأن مالك بن أوس صحابيّ رؤية، وتابعيّ رواية. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ) النصريّ المدنيّ (أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) -رضي الله عنه- (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) هذه الرواية مختصرة، فإن الْحَدِيث فيه قصّة، وَقَدْ ساقها البخاريّ فِي "صحيحه"، 2/ 761 - فَقَالَ: 2065 حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس أخبره، أنه التمس صرفا (¬1) بمائة دينار، فدعاني طلحة بن عبيد الله، فتراوضنا (¬2)، حَتَّى اصطرف مني، فأخذ الذهب يُقَلِّبها فِي يده، ثم قَالَ: حَتَّى يأتي خازني منْ الغابة، وعمر يسمع ذلك، فَقَالَ: والله لا تفارقه حَتَّى تأخذ منه، قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب ربا" الْحَدِيث. ونحوه لمسلم.
(الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا) قَالَ ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى: لم يُختَلَف عَلَى مالك فيه، وحمله عنه الحفاظ، حَتَّى رواه يحيى بن أبي كثير، عن الأوزاعي، عن مالك، وتابعه معمر، والليث، وغيرهما، وكذلك رواه الحفاظ عن ابن عيينة، وشذ أبو نعيم عنه، فَقَالَ: "الذهب بالذهب"، وكذلك رواه ابن إسحاق، عن الزهريّ.
ويجوز فِي قوله: "الذهب بالورق" الرفع: أي بَيْعُ الذهب بالورق، فحُذف المضاف للعلم به، أو المعنى الذهب يُباع بالذهب، ويجوز النصب: أي بيعوا الذهب.
والذهب يُطلق عَلَى جميع أنواعه المضروبة وغيرها، والوَرِقُ: الفضة، وهو بفتح الواو، وكسر الراء، وبإسكانها عَلَى المشهور، ويجوز فتحهما، وقيل: بكسر الواو المضروبة، وبفتحها: المال، والمراد هنا، جميع أنواع الفضة، مضروبة، وغير مضروبة.
¬__________
(¬1) قوله: أنه التمس صرفا -بفتح الصاد المهملة- أي منْ الدراهم بذهب كَانَ معه، وبَيَّن ذلك الليث فِي روايته، عن ابن شهاب، ولفظه: "عن مالك بن أوس بن الحدثان، قَالَ: أقبلت أقول: منْ يصطرف الدراهم". اهـ "فتح" 5/ 118.
(¬2) قوله: "فتراوضنا" بضاد معجمة-: أي تجارينا الكلام فِي قدر العوض، بالزيادة والنقص، كأن كلا منهما كَانَ يروض صاحبه، ويسهل خلقه، وقيل: المراوضة هنا المواصفة بالسلعة، وهو أن يصف كل منهما سلعته لرفيقه. اهـ "فتح" 5/ 118 - 119.

الصفحة 331