كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 34)

(إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) بالمد فيهما، وفتح الهمزة، وقيل: بالكسر، وقيل: بالسكون، وحُكِي القصر بغير همز، وخَطأها الخطابيّ، وردّ عليه النوويّ، وَقَالَ: هي صحيحة، لكن قليلة، والمعنى: خذ، وهات، وحُكِي "هاكِ"، بزيادة كاف مكسورة، ويقال: "هاء" بكسر الهمزة بمعنى هات، وبفتحها بمعنى خذ، بغير تنوين.
وَقَالَ ابن الأثير: "هاء وهاء": هو أن يقول كل واحد منْ البَيِّعَين: هاء، فيعطيه ما فِي يده، كالحديث الآخر: "إلا يدا بيد"، يعني مقابضة فِي المجلس، وقيل: معناه خذ، وأعط، قَالَ: وغيرُ الخطّابيّ يُجيز فيها السكون عَلَى حذف العوض، وَيتَنَزّل منزلة "ها" التي للتنبيه.
وَقَالَ ابن مالك: "ها" اسم فعل، بمعنى خذ، وإن وقعت بعد "إلا" فيجب تقدير قول قبله، يكون به محكيا، فكأنه قيل: ولا الذهب بالذهب، إلّا مقولا عنده منْ المتبايعين: هاء وهاء. وَقَالَ الخليل: كلمة تُستعمل عند المناولة، والمقصود منْ قوله: "هاء وهاء" أن يقول كل واحد منْ المتعاقدين لصاحبه: هاء، فيتقابضان فِي المجلس. قَالَ ابن مالك: حقها أن لا تقع بعد "إلا" كما لا يقع بعدها "خذ"، قَالَ: فالقدير: لا تبيعوا الذهب بالورق، إلا مقولا بين المتعاقدين: هاء وهاء.
(وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بالْبُرِّ) بضم الموحدة ثم راء منْ أسماء الحنطة (رِبَا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ) والشعير بفتح أوله معروف وحكى جواز كسره (رِبَا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ") واستدل به عَلَى أن البر والشعير صنفان، وهو قول الجمهور، وخالف فِي ذلك مالك، والليث، والأوزاعي، فقالوا: هما صنف واحد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -41/ 4560 - وفي "الكبرى" 41/ 6150. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" 2134 و2170 و2174 (م) فِي "البيوع" 1586 (د) فِي "البيوع" 3348 (ت) فِي "البيوع" 1242 (ق) فِي " التجارات" 2253 و2259 (أحمد) فِي "مسند العشرة" 163 و240 و316 و1333 (الدارمي) فِي "البيوع" 2465. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم بيع التَّمْر بالتمر،

الصفحة 332